بقلم منصور الحاج
شاهدت قبل أيام تسجيلا مصورا لخطبة جمعة يدعو فيها رجل دين من ولاية كاليفورنيا أن يبيد الله اليهود عن بكرة أبيهم. بعد أيام من انتشار التسجيل الذي أعادت نشره مؤسسة "ميمري" الأميركية، قدم الرجل ويدعى عمار شاهين اعتذاره لليهود في مدينة ديفيز وخارجها عن الألم الذي سببه لهم دعاؤه عليهم، مشيرا إلى أنه تفهم أن كلماته قد تحرض الآخرين على الكراهية أو القيام بأعمال عنف.
وأشار شاهين في اعتذاره إلى أن مشاعره المتأججة بسبب الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى هي التي دفعته إلى قول ما قاله. وبغض النظر عن صدق شاهين أو كذبه في إدعائه أن مشاعره هي المسؤولة عن دعائه المفعم بالكراهية وليست نشأته الدينية التقليدية المعادية لليهود والمشككة في عقيدتهم والمبررة للعنف ضدهم في الماضي وتتوعدهم بحرب مستقبلية، وليس لاعتياده على سماع الدعاء والتأمين عليه وعدم اعتراضه عليه طيلة حياته، فإن المواد المنشورة لشاهين على موقع "يوتيوب" تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل ينشر التطرف ولا يحترم الديمقراطية ولا الدستور الأميركي وينشر الفكر الوهابي التكفيري في المجتمع عبر تدريسه كتب مؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب.
وحتى لا تكون هذه الاتهامات مجرد إدعاءات لا تستند إلى أدلة، سأسرد مقتطفات من الخطب والدروس والأناشيد التي ألقاها شاهين والتي توضح أن الرجل بحاجة إلى إعادة تأهيل حتى يتخلص من كل الأفكار الرجعية، ولكي يصبح إصلاحيا تقدميا متحضرا ينشر الحب والتسامح والسلام ويحترم التعددية ويعزز أهمية قيم الحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية، وإلا فعلى مسلمي أميركا نبذه والابتعاد عنه والتبرؤ من أفكاره ومنعه من تدريس أبنائهم وإلقاء الخطب في مساجدهم وتجمعاتهم.
من الأشياء الصادمة التي اكتشفتها عن شاهين وأثبتت لي عدم أهليته لاعتلاء المنابر ومخاطبة الجماهير خاصة في أوقات الأزمات التي عادة ما تحتاج فيها المجتمعات إلى قيادات حكيمة تهدئ الجماهير الهائجة وتحثهم على السلمية وتحذر من العنف ونتائجه، قصيدة جهادية منشورة في صفحته على اليوتيوب في 16/اغسطس/ 2013 أي بعد يومين من أحداث ميدان رابعة العدوية والنهضة بمصر، بعنوان "أخي في الله أخبرني متى تغضب" يحرض فيها على استخدام العنف. يقول شاهين في مطلع القصيدة التي يسخر فيها أيضا من المتضامنين السلميين: أخي في الله أخبرني متى تغضب .. أعيرونا مدافعكم ليوم لا مدامعكم .. أعيرونا وظلوا في مواقعكم ... إلى آخر الأبيات.
في فيديو آخر منشور في يوليو 2013 على قناة شاهين الذي كان يعطي درسا في كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، قال للحضور إن الاستشهاد في سبيل الله أمر سهل ولا يحتاج سوى إلى لحظة صدق واحدة مع الله. في نفس الفيديو شرح شاهين للحضور شروط تكفير المسلم، كما قال ممازحا تلاميذه أنه يعلم إن جاءهم من اعترف بارتكاب جريمة السرقة فأنهم سيقطعون يده، كما لم يخل الدرس من ترسيخ لفكرة كراهية اليهود والدعوة للتخلص منهم حين طرح في معرض إجابته على سؤال فكرة أن يدعو هو والحضور ضد اليهود للتخلص منهم بدون الحاجة إلى خوض الحروب أو إلى إعلان الجهاد لو كانت الأماني تتحقق بالدعاء. لم يتوقف شاهين عند هذا الحد بل إنه سخر من الصوفية والصوفيين واتهمهم بإدمان الهيروين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن شاهين يحرض الشباب على التعصب وينشر الجهل ويعادي الديمقراطية ولا يحترم المؤسسات الدستورية للولايات المتحدة. في فيديو منشور في يناير 2013، شجع شاهين الشباب على النظر بدونية إلى غير المسلمين من خلال حضهم على أن يكونوا مختلفين عنهم في الملبس والمأكل وطريقة المشي وقصة الشعر، مشددا على ضرورة أن يوضح الشباب لأقرانهم أن دينهم يأمرهم بذلك. وفي محاضرة منشورة على القناة الرسمية للمركز الإسلامي لمدينة "ديفيز" على اليوتيوب في فبراير 2014 ذكر شاهين أن دماء الحيض تنزل من النساء حين يتعرضن للإثارة أو للخوف الشديد. وفي فيديو آخر منشور في نوفمبر 2016، سخر شاهين من فكرة أن القوانين تتغير في الأنظمة الديموقراطية كما سخر أيضا من الديموقراطية والدستور قائلا "إنهما يتغيران، إنهما ليسا قرآنا ولا صحيح البخاري ولا صحيح مسلم"، وشبههما بالآلهة التي كان العرب يعبدونها في الجاهلية.
إن من العار أن يؤم المسلمين في أميركا من يسخر من أنظمتهم ودستورهم الذي يكفل حرية التعبير والعبادة، ولا يميز البشر على أساس المعتقد أو لون البشر أو الجنس. من العار أن يقبل مسلمو أميركا أن يكون من ينشر الكراهية والتعصب والجهل قدوة لأبنائهم. لقد تسامح مسلمو أميركا كثيرا مع أئمة الكراهية والتطرف وحان الوقت - بل تأخر كثيرا – لكي ينبذوا دعاة الكراهية ويستبدلوهم بأئمة متنورين ينشرون الحب والسلام ويرسخون قيم الحرية والتعددية والعدالة الإجتماعية.