صفقات عقارية مشبوهة حول سلوك الكنيسة اليونانية - Articles
Latest Articles

صفقات عقارية مشبوهة حول سلوك الكنيسة اليونانية

صفقات عقارية مشبوهة حول سلوك الكنيسة اليونانية

نير حسون

البطريرك اليوناني الأرثوذكسي للقدس، ثيوفيلوس الثالث، يجري الآن جولة إعلامية عالمية في كل ما يتعلق بإدارة أراضي كنيسته. في هذا الأسبوع التقى مع البابا فرنسيسكوس، وفي الأسبوعين الأخيرين التقى الملك عبد الله ورئيس الحكومة الفلسطيني رامي الحمد الله. في هذه الجولة يدير ثيوفيلوس حربا على ثلاث جبهات منفصلة: ضد السياسيين الإسرائيليين الذين يهددون بمصادرة أراضي الكنيسة، وضد جمعية عطيرت كوهنيم التي تريد السيطرة على الأملاك التي بيعت لها من قبل البطريرك السابق في البلدة القديمة في القدس، وضد الطوائف المسيحية في إسرائيل التي ترى بعد رضا أن بطريرك يبيع عقارات الكنيسة بأسعار زهيدة جدا.
قبل أسبوعين كشفت الصحيفة عن ثلاث صفقات للعقارات عقدتها الكنيسة في القدس ويافا وقيصاريا. وفي هذه الصفقات بيعت أراضي ومباني بأسعار زهيدة جدا لشركات مسجلة في سجلات الضرائب، التي لا يعرف من يقف على رأسها. الآن يتم الكشف عن ثلاث صفقات أخرى جميعها في القدس، وبأسعار متدنية جدا تثير الاستغراب. وحسب اتفاقات البيع التي وصلت لهآرتس، اشترت شركة مجهولة مبنى من ثلاثة طوابق في شارع الملك داود، وهو من أغلى الشوارع في المدينة بمبلغ 850 ألف دولار. ومبنى آخر في شارع هاس المجاور يتكون من ستة طوابق ويضم محال تجارية وأرضا ثمينة مخصصة للبناء بمبلغ 2.5 مليون دولار. وقطعة أرض مساحتها 2.3 دونم في حي البقعة بيعت مقابل 350 ألف دولار.
في حي البقعة وشارع هاس هناك اتفاقات تأجير لعشرات السنين، الأمر الذي يخفض بصورة طبيعية سعرها. مع ذلك، كثيرون في الكنيسة ومن خارجها ما زالوا يقولون إن الأمر يتعلق بأسعار رخيصة جدا. «هذا سعر يبدو منخفض جدا، كل متر مبني هنا بيع بـ 60 ألف دولار، وتوجد هنا إمكانية للبناء على 2000 متر مربع، ويوجد هنا شخص حصل على الجائزة الكبرى في «مفعال هبايس» (اليانصيب)»، قال المحامي اسحق هنيغ، الذي يستأجر مكتبا في المبنى الموجود في شارع الملك داود.
من بين الجبهات الثلاث التي يواجهها البطريرك ـ السياسيون الإسرائيليون وعطيرت كوهنيم والطوائف المسيحية ـ فإن الجبهة الأكثر إقلاقا منها هي الجبهة في البيت. مؤخرا هو يقوم بنضال شديد ضد الانتقاد المتواصل داخل الكنيسة على سياسة بيع أملاكها. «لقد وصلنا إلى روما من أجل أن نعرض أمام قداستك مخاوفنا من التهديدات التي تطورت مؤخرا على سلامة الأراضي المقدسة والشرق الأوسط»، قال البطريرك للبابا أثناء لقائهما، «لقد جئنا إليك كي نطرح عليك الوضع الجديد والمقلق في البلاد المقدسة، التي تمس فيها الحقوق التاريخية للطائفة المسيحية».
ولكن حسب رأي منتقديه، فإن من يضر أكثر بالحقوق التاريخية للكنيسة هو البطريرك نفسه. في الصفقات التي تم الكشف عنها قبل أسبوعين تبين أن الكنيسة باعت، ضمن أمور أخرى، 430 دونما في قيصاريا بمبلغ مليون دولار، وستة دونمات على أراضي تجارية في ميدان الساعة في يافا بمبلغ 1.5 مليون دولار، وحي كامل في القدس هو «تلة الصنوبر» الذي توجد فيه 240 شقة، بمبلغ 3.3 مليون دولار. وفي هذه الحالات جميعها توجد اتفاقات تأجير طويلة الأمد لعشرات السنين، تتسبب في خفض أسعار العقارات بشكل كبير. ولكن حسب ادعاء من ينتقدون البطريرك، فمن ناحية الكنيسة ما زال الأمر يتعلق بالتنازل عن أملاك استراتيجية مقابل الأموال القليلة. والشيء ذاته بالنسبة للصفقات الثلاث التي عقدتها البطريركية قبل سبع سنوات، التي يتم الكشف عنها الآن بشكل كامل. في هذه الصفقات جميعها، من اشترى الأرض هي شركة «كرونتي»، وهي شركة مسجلة في جزيرة «العذراء» البريطانية، ولا يعرف من هم أصحاب اسهمها. «كرونتي» هي أيضا التي اشترت حي «تلة الصنوبر» في مركز القدس.

التعقيب الأول

للمرة الأولى منذ تفجير قضية أملاك الكنيسة قرر البطريرك شرح موقفه للجمهور. ومؤخرا استأجر البطريرك خدمات شركة علاقات عامة هي «دافي للاتصالات». وفي محادثة مع «هآرتس» أراد مصدر مهني كبير توضيح سياسة العقارات الخاصة بالكنيسة. وقد ادعى أن الهدف هو حماية الطائفة والأماكن المقدسة من خلال استخدام أملاك الكنيسة. «لا توجد صفقات سرية»، وأضاف «لا توجد صفقات في الظلام، ولا يوجد من يختبئ. المشترون كلهم رجال أعمال معروفين، والبائعون يفضلون لأسباب خاصة بهم أن لا تكشف هُويتهم». وحسب أقواله، الكنيسة فحصت كل عقار قبل بيعه وقامت بعملية تخمين للثمن وطلبت بيعه بسعر معقول، وتحقق لها ذلك. ومع ذلك قال إن هناك عاملان سلبيان يؤثران في سعر الأراضي. الأول، اتفاقات التأجير طويلة الأمد التي تصل في بعض الأحيان إلى عدة عقود. والثاني هو حقيقة أن الدولة يمكنها مستقبلا التدخل في غير مصلحة الكنيسة وأن تقوم بمصادرة الأراضي أو المس بحقوقها.
القانون الذي تسعى إلى سنه مؤخرا عضوة الكنيست راحيل عزاريا (حزب كلنا) الذي حسبه ستتم مصادرة أراضي الكنيسة التي سيتم بيعها لمستثمرين خاصين من قبل الدولة، يدلل، حسب أقوال البطريرك، على الخطر المحدق بهذه العقارات مستقبلا. «نحن منظمة قابلة للابتزاز في إسرائيل وفي السلطة الفلسطينية وفي الأردن، الجميع يشعرون أنه يمكن ابتزازنا. لقد حولوا البطريركية إلى مؤسسة غير مرغوب فيها»، قال المصدر رفيع المستوى.
المصدر يصف أيضا هذه العقارات بأنها وباء يثقل على الكنيسة يجب التخلص منه، ويعقب على الاتفاق الإشكالي الذي تم توقيعه في 2011 الذي في إطاره أجّرت الكنيسة مئات الدونمات في أحياء الطالبية ورحافيا ونيوت في القدس لعدد من المستثمرين الإسرائيليين اتحدت تحت اسم «نيوت كومنيوت». وحسب أقواله، في عقد التأجير الأصلي للمنطقة الذي تم توقيعه مع الكيرن كييمت في بداية الخمسينيات، يوجد لغم من ناحية الكنيسة يمكن الكيرن كييمت بتمديد عقد التأجير لسنوات طوال بإيجار منخفض جدا. ومع ذلك فإن من اشتروا الأرض، «نيوت كومنيوت»، لا يوافقون على أقواله. «لقد قمنا بعقد صفقة تجارية مدهشة، وأنا لا أخجل من ذلك»، قال أمس المحامي ابراهامي افرمان، ممثل الشركاء. وقد عقب المصدر نفسه على الصفقات الثلاث في القدس قائلا: إن في المبنى الموجود في شارع الملك داود سكانا محميين في طابقين من الطوابق الثلاثة. وفي البقعة عقد الإيجار لـ 87 سنة أخرى. وفي شارع هاس عقد الإيجار لـ 57 سنة أخرى. لذلك فإن أسعار العقارات منخفضة جدا.
في محادثة مع المصدر نفسه، طلب هذا الشخص توسيع الصورة في محاولة لشرح هذه الصفقات. «البطريركية هي مؤسسة تشمل إسرائيل وفلسطين والأردن، لكن لا تقف أية دولة من ورائها، ولا توجد لها مصادر للدخل. ومصادر دخل الكنيسة الوحيدة هي العقارات. هذه المؤسسة قامت على مدى مئات السنين بالبيع والشراء من أجل تمويل نفقاتها»، قال، «يوجد بملكية الكنيسة 10 من مئة من مساحة البلدة القديمة في القدس. وهذه تدر مئات آلاف الدولارات سنويا. أنت تطلب الإيجار، لكن المستأجر يقول لك أنا ابن الطائفة الأرثوذكسية ولهذا لن أدفع. وعندما تولى البطريرك منصبه كانت الكنيسة مدينة بمبلغ 40 مليون، وكانت هناك أملاك مرهونة. وقد قام بالإصلاحات، وضاعف رواتب الكهنة، وأعطى ميزانيات أكبر للمدارس، ولهذا كان يحتاج إلى الأموال. إذا توجد لدينا عقارات نهتم بها من ناحية استراتيجية، وتوجد عقارات نقوم ببيعها ونعتاش منها».
«توجد لنا مِلكِية على الأراضي»، أضاف «ولكن عندما يكون لديك عقد تأجير لعشرات السنين، فهذه تكون مِلكِية صورية فقط. مثلا الصفقة في «تلة الصنوبر». عندما وقعنا الصفقة كانت هناك ستين سنة أخرى للتأجير. وقمنا بعملية تخمين وحصلنا على سعر 6 ملايين دولار. في نهاية المطاف قمنا ببيعها بـ 3.3 مليون، لكن مع الإرجاع الضريبي الذي يعود للبائع، نكون قد حصلنا على 5 ملايين. هذه بالتأكيد صفقة منطقية من ناحية اقتصادية. في المنطقة الصناعية في الرملة بعنا 24 دونما بمبلغ 30 مليون شيقل، وهذا سعر أكبر من السعر الذي يبيع به مدير سلطة أراضي إسرائيل في ذلك الموقع». وأضاف إن الأموال التي جمعت من عمليات البيع تستثمر في صفقات عقارية تدر الدخل، منها في بيت حنينا في شرق القدس وفي تلة همتوس في جنوب المدينة. في الحالتين يبني مستثمرون خاصون مئات الوحدات السكنية على أراضي الكنيسة. وفي المقابل، الكنيسة ستحصل على عدد من الوحدات السكنية.
إن احتجاج الطائفة، حسب قوله، ينبع من اعتبارات أخرى مختلفة تتعلق بمطالبتهم بـ «تعريب الكنيسة». أي أنهم يطالبون بإدخال رجال دين من أصل عربي إلى وظائف عالية في البطريركية التي يسيطر عليها الآن رجال دين يونانيون. وهم يقولون إنه كان بطريرك عربي قبل خمسين سنة. «مصالح كثيرة تختلط هنا معا»، قال.

يجب التقليل من شأن الجريمة

المحامي إلياس خوري، إبن الطائفة الأرثوذكسية الخبير في العقارات، ومن أكبر المنتقدين للبطريرك، يرفض هذه التوضيحات كلها. «إنه يطرح وصفا لشخص مفلس يريد بيع بضاعة فاسدة، لكن هذه أقوال شخص لا يعرف عما يتحدث»، قال المحامي خوري، «هل يمكنك تخيل دولة تقوم ببيع أملاكها لأنها لا تريدها؟ هذه ليست مجرد أراضي، هذا جزء من مملكة الكنيسة. وهو يفيد هذا الجيل، وبعد خمسين سنة سيفيد الجيل القادم. الأوقاف الإسلامية لا يخطر ببالها بيع أملاكها. هذه ليست أملاك خاصة لثيوفيلوس، هذه أملاك لأبناء الطائفة جميعهم، وهم يريدون أن تبقى على مدى الأجيال بملكية الكنيسة. وكل ما يريده هو تقليل شأن الجريمة التي ارتكبوها».
في فترة البطريرك السابق، شارك خوري في نقاشات مع رافي ايتان، الذي مثل حكومة إسرائيل في هذا الشأن، حول تمديد تأجير أراضي الكنيسة في رحافيا. «لقد قمنا بعملية حسابية: إذا أخذنا سعر السوق وحولناه إلى أموال، كنا سنحصل على مئات ملايين الدولارات عن رحافيا فقط. وقد قلت لرافي ايتان أن يقوم بإرسال هذا إلى المخمن الحكومي. عندها ضحك، لقد كان من الواضح له أن هذا سعر لا تستطيع الحكومة أن تدفعه. إن من يريد التنازل عن هذه العقارات هو شخص ليست له رؤية للمستقبل».

هآرتس 26/10/2017

ترجمة القدس العربى

 

 

Related

Share

Rating

0 ( 0 reviews)

Post a Comment

Category
Author
More Options
  • Recent
  • Popular
  • Tag
Tags