د. خالد منتصر
وصلنى هذا الخبر أمس على الإيميل، وهو خبر قلب عالم شركات الأدوية رأساً على عقب، الخبر الذى سأنقله بكامله يقول إن هناك شركة أدوية إسرائيلية متخصصة فى علاج السرطان اسمها «Kite Pharma»، الشركة عمرها 8 سنوات، فقط تأسست على يد اثنين من الباحثين الإسرائيليين فى مجال علاج السرطان هما «جوشوا كازام» و«آرى بلدجرن»، منذ فترة أعلنت «Kite» عن علاج جديد لسرطان الدم والغدد الليمفاوية اسمه «Axi-Cell» العلاج الجديد فكرته الرئيسية تقوم على استخلاص الخلايا المناعية من جسم المريض وإعادة هندسة الجينات الخاصة بها بحيث تهاجم الورم فقط، ومن ثم إعادتها مرة أخرى للجسم لتقوم بالمهمة والقضاء على السرطان، بدأت تجربة الـ«Axi-Cell» على عينة من المرضى، وكانت المفاجأة أنه أتى بنتائج مبهرة مع حالات سرطان الدم غير المتجاوبة مع أى علاج. وبعد 6 شهور فقط أكثر من ثلث المرضى تم شفاؤهم!! نتائج جعلت سهم الشركة فى بورصة «ناسداك» يطير ويحلق فى الفضاء لدرجة أن قيمة سهم الشركة زادت بنسبة 300% فى عام 2017 فقط!!
ورغم أن «كايت» شركة صغيرة وحديثة عهد بمجال الأدوية الذى يتصارع فيه عمالقة فإنها، بالعلم والابتكار، استطاعت أن تجري معهم على نفس التراك بنفس السرعة وكتفها فى كتف ديناصور كبير فى مجال الأدوية اسمه «Novartis» والتى ستطرح نفس الدواء وطريقة العلاج ولكن لحالات سرطان الدم عند الأطفال، بينما الـ«Axi-Cell» مخصص للبالغين فقط، وحالياً «كايت ونوفارتس» تسابقان الزمن للحصول على موافقة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على أساليبهما العلاجية الحديثة فى نوفمبر المقبل. الخبر الأكثر إثارة هو أن شركة Gilead الأمريكية صاحبة الدواء المعروف لفيروس «سى» الكبدى (سوفالدى) التى استحوذت فى عام 2012 على شركة Pharmasset من صاحب السوفالدى شيناز اليهودى المصرى فى صفقة ضخمة قُدرت بـ11 مليار دولار، ورغم أن خبراء كثيرين انتقدوا الصفقة وقالوا إنها مبالغ فى قيمتها فإن شركة Gilead كانت متأكدة من النجاح، وبالفعل وصلت مبيعات عقار السوفالدى فى أول سنة فقط إلى نحو 12 مليار دولار، أى أكثر من قيمة الصفقة فى أول سنة فقط، بل أصبح السوفالدى العقار الأكثر مبيعاً فى سنة الطرح الأولى فى تاريخ مجال الأدوية فى العالم كله. المهم أن «Gilead» الأمريكية قررت أن تكرر أمجادها مع السوفالدى وتعيد نفس السيناريو مع «كايت» الإسرائيلية، خصوصاً أن لديها أموالاً كثيرة متراكمة من وراء صفقة السوفالدى، وبالفعل قامت «Gilead» منذ أقل من أسبوع بالاستحواذ على «كايت» فى صفقة قياسية أخرى قُدرت بـ11.9 مليار دولار!!!
الخلاصة أن شركة KITE الصغيرة التى تم تأسيسها منذ 8 سنوات فقط أصبحت قيمتها السوقية، بالعلم والابتكار، والتعليم قرابة الـ12 مليار دولار، بينما أكبر شركة مصرية للأدوية، عمرها 37 سنة، ما زالت تنتج الدواء الـgeneric وقيمتها السوقية لا تتعدى الـ590 مليون دولار! وما زال العقل المصرى يدعو على أحفاد القردة والخنازير ويفكر فى العلاج ببول البعير والحجامة وحبة البركة!