جدل كبير أثاره حكم قضائي بعدم منع الاحتماء بالكنائس السلطات من تنفيذ عمليات ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم، لكن ما هو "اللجوء الكنسي"؟ وهل إقامة من يلجأ للكنيسة قانونية؟
أكّدت المحكمة الإقليمية العليا في مدينة ميونخ الألمانية على أن الحماية التي تقدّمها الكنائس لطالبي اللجوء أو ما يعرف بـ"اللجوء الكنسي" لا تستند إلى النظام القانوني في ألمانيا، مشدّدة على أن هذا النوع من الحماية لا يمنع السلطات من تنفيذ عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.
وجاء قرار المحكمة يوم الخميس (الثالث من أيار/مايو عام 2018) حكماً على قضيّة إيفانس، وهو طالب لجوء نيجيري احتمى بإحدى الكنائس في مدينة فريسينغ الواقعة في ولاية بافاريا، لمنع ترحيله إلى إيطاليا التي كانت أول بلد أوروبي يصل إليه، بحسب اتفاقية دبلن، وكان على المحكمة أن توضّح فيما إذا كانت إقامته في ألمانيا قانونية أم لا، وحول ماهية العقاب في حالة عدم قانونية الإقامة.
لا حماية من الترحيل
لم تعاقب المحكمة طالب اللجوء النيجيري، مشيرة إلى أن إقامته قانونية، معلّلة ذلك بأن من يحتمي بالكنيسة تتم إعادة تقييم وفحص طلب لجوئه، بحسب اتفاقية بين الكنيسة و"المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين"، ما يؤهّله للحصول على تصريح مؤقّت للبقاء أو ما يسمى بالألمانية (Duldung) لحين الانتهاء من إعادة فحص طلبه.
لكن المحكمة شددت على أن اللجوء والاحتماء بالكنيسة ليس حقاً معترفاً به قانونياً في ألمانيا، وأن لدى السلطات كامل الصلاحيات بتنفيذ القانون وترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم في أي وقت كان، مشيرة إلى أن اتخاذ قرار تنفيذ الإجراءات القانونية يرجع أساساً إلى السلطات المعنية.
وكانت الكنيسة قد وصلت إلى اتفاقية مع "المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين" في 2015 تلتزم بموجبها السلطات الحكومية بالتساهل مع بعض حالات اللجوء الكنسي وعدم التدخل في الفترة التي يكون فيها طلب الترحيل تحت إعادة التقييم والفحص.
وفي المقابل تلتزم الكنيسة بعدم إخفاء أي طالب لجوء وحتى في حالة صدور قرار بتأكيد رفض طلب لجوئه، وبإخبار السلطات الحكومية عن كل شخص يلجأ إليها.
وفي تلك الاتفاقية بين الطرفين أكّد ممثلو الكنائس أنّ هدفهم من تقديم الحماية ليس إلغاء أيّ قانون في ألمانيا، ولكن "لتحفيز تطبيق القانون لصالح حقوق الإنسان"، مشيرين إلى أن "اللجوء الكنسي" ليس بياناً أو قراراً سياسياً ضد اتفاقية دبلن.
انتقادات لـ"اللجوء الكنسي"
هذا التسامح من قبل مؤسسات معينة في الدولة أدى إلى ارتفاع عدد الذين يحتمون بالكنائس، بالرغم من عدم وجود أيّة حصانة قانونية لـ"اللجوء الكنسي". حيث يبلغ عدد الذين يحتمون بالكنائس حوالي 700 شخص في ألمانيا، بحسب القناة الألمانية الأولى.
هذه الحالات تمثل مشكلة بالنسبة إلى كثير من وزراء داخلية الولايات الألمانية الذين يرغبون في تعجيل عمليات الترحيل. حتى بالنسبة إلى وزير الاندماج في ولاية شمال الراين –ويستفاليا، يواخيم شتامب، الذي حذر الكنائس قبل مدة من أن قبولها اللجوء إليها يشكل عائقاً أمام عمليات الترحيل ومن ثم أمام دولة القانون.
وقال الوزير إن 90 بالمائة من حالات طلب اللجوء إلى الكنيسة هي حالات تتبع اتفاقية دبلن، التي تستدعي إعادة اللاجئين إلى أول دولة أوروبية وصلوا إليها. وغالباً ما تكون هذه الدول هي بلغاريا، اليونان أو إيطاليا، وهي دول غالبا ما تعاني من ظروف صعبة ومن مشكال في التعامل مع تدفق اللاجئين.
وتؤكّد بيرغت نويفيرت من منظمة "اللجوء إلى الكنيسة" أن الكنسية لا تملك أيّ حق قانوني بمنح اللاجئين إليها الحماية من الشرطة والدولة، وتعرّف اللجوء الكنسي بأنه: "تقديم الدعم والمشورة والمأوى للاجئين المهددين بالترحيل إلى بلاد تسود فيها ظروف معيشة غير إنسانية أو التعذيب أو حتى الموت"، معتبرة أن اللجوء الكنسي هو "وسيط بين العمل الخيري والسياسة".
محيي الدين حسين/ع.خ