أليسون سميل – ألمانيا
لم تضيّع «مارين لوبن» الوقت لتعلن 2017 عاماً لصحوة اليمين المتطرف في أوروبا، حيث قالت زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» الفرنسي اليميني المتطرف: «إننا نعيش نهاية عالم وميلاد عالم آخر»، وكانت تتحدث أمام حشد من أعضاء الأحزاب اليمينية الأوروبية يوم السبت في مدينة كوبلنس التي تقع على نهر الراين، وقد اجتمع هذا الحشد من اليمينيين لرسم طريق مشترك للنجاح في الانتخابات المقرر إجراؤها هذا العام في هولندا وفرنسا وألمانيا. وقالت لوبن «إن 2016 كان العام الذي شهد صحوة العالم الأنجلو-ساكسوني. وإنني على يقين أن 2017 سيكون عام صحوة الشعوب الأوروبية».
لقد حفز انتصار المناهضين للاتحاد الأوروبي في بريطانيا وفوز دونالد ترامب في الولايات المتحدة أحزاب اليمين المتطرف في القارة العجوز، ودفعها للسعي لاستمالة الناخبين المحبطين الذين يشعرون بالفعل بالمرارة بسبب عدم المساواة الاجتماعية وفقدان السيادة وموجات الهجرة. ووسط شكوك بأن روسيا تحاول زعزعة استقرار القارة من خلال التحالف مع اليمين، قد تضطر الأحزاب الرئيسة في أوروبا للدخول هي أيضاً في تحالفات مربكة وغير فعالة لإبعاد المتطرفين.
وكان «خيرت فيلدرز»، الذي تصدر حزبه «من أجل الحرية» الهولندي المعادي للإسلام، استطلاعات الرأي للانتخابات التي ستجرى في الربيع، رمزاً على تحفز اليمين المتطرف خلال الاجتماع. فقد قال: «إن العالم يتغير. وأميركا تتغير. وأوروبا تتغير.. وقد بدأ الأمر العام الماضي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وبالأمس فاز ترامب، واليوم اجتمعت الأحزاب المحبة للحرية في مدينة كوبلنس لاتخاذ موقف». واستطرد فيلدرز: «لن يعود الجني مرة أخرى إلى القمقم، سواء أردتم ذلك أم لا!»
لقد عمل «فيلدرز» وغيره من زعماء اليمين المتطرف على استغلال الشعور بفقدان الهوية في جميع أنحاء أوروبا، والذي تزايد بقدوم موجات جديدة من المهاجرين، وكذلك مآزق الاقتصاد الذي اصطبغ بالعولمة والتكنولوجيا الرقمية، هذا فضلاً عن تصورات بأن هناك محاولات تقوم بها مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي لفرض التماثل على الثقافات الأوروبية المختلفة.
وضمن الحضور، قال «باتريك باور»، 22 عاماً، وهو عضو في حزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي استفاد من المعارضة واسعة النطاق لقرار المستشارة أنجيلا ميركل السماح لنحو مليون مهاجر، معظمهم من المسلمين، بالقدوم في عام 2015، إن «فيلدرز» هو من حثه على حضور الاجتماع. وقال «باور»، الذي يرأس مجلساً محلياً في تلال تونوس شمال فرانكفورت، إن المتطرف الهولندي يجسد الاختيار والتنوع الذي يجب أن يكون قائماً في أوروبا، دون إجبار المواطنين على قبول سياسات ونماذج اقتصادية وضعتها مؤسسات بيروقراطية أوروبية.
ووصف «باور» نفسه بأنه مسيحي يعارض بشدة الإجهاض، ويشعر بالقلق مما يعتبر أنه تقدم للإسلام.
وقد تخلل الاجتماع الذي استمر ساعتين وحضره المئات من المؤيدين ارتفاع أصوات تستهجن اسم ميركل، بينما علت هتافات تردد «ميركل يجب أن ترحل!»
وقد برزت في الاجتماع امرأتان، مارين لوبن و«فروك بيتري» الزعيمة في حزب «البديل من أجل ألمانيا»، وهما تأملان في قيادة تقدم اليمين في فرنسا وألمانيا، وهما البلدان المحركان تقليدياً للاتحاد الأوروبي الذي يضم في عضويته 28 دولة، وقد صوتت بريطانيا على الخروج منه في شهر يونيو الماضي.
أما مهمة التفاوض بشأن هذا الخروج البريطاني، فستقوم بها امرأة ثالثة هي رئيسة الوزراء «تيريزا ماي». وقد اصطفت النساء الثلاث ضد ميركل، التي ظلت في السلطة لمدة 11 عاماً، بيد أنها ربما تفشل في محاولة الفوز بولاية رابعة في انتخابات سبتمبر المقبل.
وتمتعت لوبن، التي تحدثت بالفرنسية في أول ظهور لها في اجتماع بألمانيا، بحضور قوي خلال التجمع، وأدلت بخطاب حماسي وسط تصفيق حاد. وفي حين أن خطابها كان أكثر هدوءاً من نظيرتها الألمانية «بيتري»، التي تتحدث الإنجليزية بطلاقة وهي، مثل ميركل، قد نشأت في ألمانيا الشرقية السابقة وحاصلة على درجة الدكتوراه في العلوم.
وقد دعت لوبن إلى وضع نموذج جديد للقارة. فيما قالت بيتري في وقت لاحق للصحفيين إنه «يجب أن يكون مصيرنا بأيدينا. لقد حدث شيء خاطئ، ونحن هنا لتقديم بديل لأوروبا».
ومن ناحية أخرى، أثار «بيورن هوكه»، زعيم حزب «البديل من أجل ألمانيا» في ولاية تورينجن الشرقية، ضجة في ألمانيا الأسبوع الماضي بعد أن وصف نصب الهولوكوست في برلين بنصب العار. وقد أعربت «بيتري» عن رفضها لتصريحات «هوكه» ومعارضتها للمشاعر التي عبر عنها. وفي وسائل الإعلام الألمانية، كان الغضب من تعليقات «هوكه» ينافس في تغطيات يوم السبت خطاب تنصيب ترامب، الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه تحدٍّ لأوروبا.
وفي المقابل، قال معلقون إن أوروبا يمكنها البقاء على قيد الحياة فقط من خلال التماسك معاً للحفاظ على الوحدة والسياسات -مثل عملة اليورو المشتركة- والتي ينتقدها قادة اليمين المتطرف.
نيويورك تايمز
ترجمة صحيفة الاتحاد