خالد الشايع
مجدداً، يثيرُ عضو هيئةِ كبارِ العلماء الشيخُ عبد الله المطلق الجدلَ بسبب فتاويه، هذه المرة يطالبُ المطلق المرأة بمساندة زوجِها الراغبِ بالزواج من أخرى، ناصحاً إياها في برنامج "فتاوى" الذي يُبثّ أسبوعياً على القناة السعودية الأولى، أن "تدعوَ الله ليوفقَ زوجها إذا تزوج عليها، وأن يعطيه من خير الزوجة الثانية ويكفيه شرَّها، وأن يجعلها خيرَ جارةٍ لها".
اعتبر الشيخ المطلق، تعدّدَ الزوجات "حلاً لمشكلة العنوسة والطلاق في السعودية" مؤكداً أن التعدد "بات مطلباً ضرورياً في ظل وجود أعدادٍ متزايدة من المطلقات والعوانس" على حد قوله وتساءل:"أين يذهبن؟ ماذا يفعلن؟ لازم –لابد- نقول للشباب: تزوجوا اثنتين وثلاث، لكن اعدلوا".
"حسد النساء هو السبب"
المثير أيضاً، أن الشيخَ المطلق ذا الـ63 عاماً، حمّلَ النساءَ مسؤوليةَ فشل مشروع التعدد، بسبب الحسد والغيرة "يحسدن بعضهن، ولا نبرئ النساءَ، فهناك حريم لا تعين أزواجهن على العدل، وهذا لا يجوز وحرام" يتابع:"بعض النساء، والله، ما تعين زوجها على العدل، وتظل تتابعه وتحاصره بالأسئلة، حتى يشعر الزوج بالملل والنفور منها".
33 % من السعوديات لم يسبق لهن الزواج
منذ سنواتٍ، تشهد أعدادُ النساء غيرُ المتزوجات ارتفاعاً. في ديسمبر 2017 قالت الهيئة السعودية العامة للإحصاء، في تقريرها السنوي للخصائص السكانية في السعودية أن نسبةَ السعوديات اللاتي لم يسبق لهن الزواج بلغت 33٪ من الإناث، اللاتي بلغن الـ32 عاماً فيمثلن نسبة 10٪ من النساء اللاتي لم يتزوجن، أي ما يعادل 230.512 امرأةً، من أصل نحو مليوني سعودية يفوق سنّهن عن 15سنةً فأكثر، فيما بلغت نسبةُ النساء الأرامل 5.6٪، والمطلقات 2.5٪، وتبلغُ نسبة النساء غيرُ المتزوجات نحوَ 33٪ من السعوديات.
وترتفع نسبةُ المطلقات في السعودية، فبحسب دراسةٍ اجتماعية لجامعة الملك سعود، هناك مطلقةٌ مقابل كل ثلاث متزوجات.
ويشيرُ التقريرُ الشهري لوزارةِ العدل إلى وجود 10 آلاف حالةِ زواج في السعودية شهرياً، مقابل 5 آلاف حالة طلاق. العام الماضي شهدت المحاكم السعودية 53.685 حالةَ طلاق، بمعدل 149حالة يومياً، غير أن الخبيرَ في القضايا الأسرية سعد شداد العمر، أكد لرصيف22 أنَّ الأرقامَ الحقيقية أكبرُ بكثير مما أعلنته المحاكم السعودية، فغالبية حالات الطلاق لا تتمُّ في المحاكم.
يضيف:"تزيدُ حالاتُ الطلاق في السعودية عن 80 ألف حالةٍ سنوياً، لابد أن نجد علاجاً لها، والحل ليس في تعدد الزوجات، لأنه سيزيد من عدد المطلقات ولا ينقِصها، فغالبية النساء لن تقبل ذلك" مشيراً إلى وجود مشكلة في تأخر الزواج وفي الطلاق "والحل هو مساعدةُ غير القادرين على الزواج، فكما لدينا عنوسة بين النساء، لدينا عنوسة بين الرجال أيضاً".
العلّة ليست في العدد
"النساء أكثرُ من الرجال، العلّة ليست في العدد" هكذا تبرر الاستشاريةُ الأسريةُ نعيمة مبارك، سببَ تأخر الزواج في السعودية، مؤكدة أنَّ مشكلةَ ارتفاع عدد غير المتزوجات لم يكن بسبب قلة عدد الرجال، إنما لعدم القدرة على الزواج الناتج عن المشاكل المادية. تضيف لرصيف22:"الأرقام الرسمية تؤكد أن عددَ النساء يقلُّ عن عدد الرجال، خاصة في السنّ المناسبة للزواج، فهناك نحو ثلاثة ملايين رجل عازب، مقابل 2.2 مليون امرأة، هذا يعني أن المشكلة ماديةٌ، وليست مرتبطةً بالعدد".
تتابع:"أحترمُ الشيخ المطلق كرجل دين وعضو في هيئة كبار العلماء، لكن تعددَ الزوجات ليس حلاً لمشكلة تأخر الزواج ولا الطلاق، إنما يزيدها، والحل هو مساعدة الشباب ودعمهم مادياً، وإيجاد حلّ حقيقي لمشكلة البطالة، عندها ستقل نسبة العازفين عن الزواج".
"نظرة جنسية، مقززة" كانَ وصْفَ الأخصائيةِ الاجتماعية نورة البكر فتوى الشيخ المطلق، مؤكدة لرصيف22 أن تعددَ الزوجات ليس علاجاً لأية مشكلة "التعدد هو نظرةُ جنسية للمرأة، لا يمكن أن يستقيمَ بيتٌ فيه زوجتان إلا في حالات نادرة، والنادر لا يُقاس عليه". تشير إلى أن تحقيق مجتمع طبيعي يتطلب تقليلَ النظرةِ الجنسية للزواج "فإذا كان النبيُّ الكريم رفضَ أن تكون ابنتُه زوجةً ثانية، فمن باب أولى أن يرفضَ الآباء الآخرون ذلك".
هجوم حاد
على موقع تويتر، كان النقاشُ حاداً حولَ دعوةِ الشيخ المطلق، خلال اليومين الماضيين. وانتشر وسم #المطلق_يوصي_بالتعدد بتغريداتٍ منتقدة، وأخرى مؤيدة. وظهر الوسم في أكثر من 146 ألفَ تغريدة في الساعات القليلة الماضية، منها تغريدةُ أبو همس الأحمري الذي اعتبر أن كلام الشيخ "عين الصواب، المفروض موظفتين أو أكثر يختارون لهم واحد يخاف الله ويدعمونه يتزوجهم يشترون بيت ويعيشون حياتهم".
غالبيةُ التغريدات النسائية عارضت الفتوى، فأكدت أنوار المطلق أن فتوى الشيخ مؤذيةٌ لهن، وكتبت:"احترمك شيخي لكن النبي عليه الصلاة والسلام قال واستوصوا بالنساء خيراً وصيته كانت عدم إيذائهن، والتعدد مع أنه شرع، أشوفه -أراه- إيذاء للعائلة فيه تشتت للأبناء وضياع للحقوق".
ذات النهج ذهبت به أبعاد الزهراني، معلّقةَ على الشيخ المطلق:"المرأة صارت سلعةً عند المشايخ يحللون ويحرمون ويوصون ع كيفهم، عدد انت واسكت، يبون (يريدون) يحلون مشاكل العنوسة.. ويزيدون من مشاكل الأسرة".
عائشة الشريف استنكرت منطقَ عضو هيئة كبار العلماء، وكتبت:"هذا بالله منطق عالم دين؟ وكأن الزواج تجميع نسوان، لعبة خذني جيتك. للأسف ليس لدينا عالم دين يتكلم عن الزواج بطريقة دينية صحيحة، الزواج أسمى من مجرد تجميع نساء وفي النهاية لا مسؤولية ولا حلول" مشددةً أن الزواجَ "شراكةُ نفس وشراكةُ حب ومودة ورحمة وشراكة جسد وشراكة أبناء وشراكة فرح وحزن وعون للإنسان وهذا الأمر لن يتحقق بهذه الطريقة".
بعض أصوات الرجال كانت معارضة أيضاً، فطالب ريان البدراني بمساعدة الشباب على الزواج بدلَ التعدد، قائلاً:"بدلاً من أن تطالب بالتعدد ياشيخنا الفاضل طالب بتخفيض المهور، وتوظيف الشباب، حثّ البنوك ورجال الأعمال على دعم الشباب، انصح الناس بعدم البذخ بالزوجات صدقني هنا ستقل نسبة العنوسة".
في ذات السياق، اعتبر إبراهيم المنيف كلام الشيخ المطلق "عاطفي ولا أساس له في الواقع" مضيفاً:"نسبة الذكور أكثر من النساء، يعني حسابياً لو كل رجل تزوج واحدة، هناك شباب لم يستطيعوا الزواج، مشكلةُ العنوسة ليست في عدم التعدد، بل في تشويه مفهوم الزواج وسوء التواصل بين الجنسين الذي فُرِضَ عليهم".
تغريدةُ عبد الله بن صباح، كانت عن تجربة شخصية له، فكتب:"بعد تجربة حقيقية أقول تكفي الرجل امرأة واحدة صالحة تخاف الله في زوجها وفي بيتها، وتترك ما يقال ولا تترك سمعها لكل من يتكلم". مطالباً الرجلَ بالعيش مع زوجته بحب والابتعاد عن منغصات الحياة، والمرأةَ بأن تجعلَ العالم هو زوجها الذي يكفيها عن كل مافي العالم.