هل حقًّا كان عمر بن الخطاب عادلاً؟ - Articles
Latest Articles

هل حقًّا كان عمر بن الخطاب عادلاً؟

هل حقًّا كان عمر بن الخطاب عادلاً؟

هل سوَّى عمر بن الخطاب الطرق حتى لا تتعثر الحمير؟ لماذا طلق عمر زوجاته الأربع؟

سامح عيد

من المؤكد أن عمر بن الخطاب كان هو الأعدل من بين الخلفاء جميعا على مر عصورهم، ولكن من المؤكد أنه لا يوجد عدل مطلق، ولا عصمة لأحد، ومن المؤكد أن هناك بعض التحفظات على مسيرة عمر، وقبل أن أتهم بالتشيع، لأن الأصوليين مولعين دائما بالتصنيف، هذا رافضي كافر، وهذا إباضي زنديق، وهذا أزارقي ملعون وهذا جهمي مأفون، وهذا معتزلي فى جهنم وبئس المصير، وهذا صوفي مشرك.. ولذلك فتحيزنا الحقيقي هو ضد أى تصنيف وتجاوز المذهبية، فهو ليس من الضروري على مستوى الاعتقاد، فكل شخص هو حر فى اعتقاداته، ولكن أن تكون فردية ولا تتجاوز الأفراد إلى المجتمع وإلى الكراهية ومع الوقت ستحتل الجزء الأصغر من اهتمامات الأفراد، لينصهر الأفراد فى مجتمع متلاحم على المستوى الإنساني، قادر على التقدم للأمام على طريق التنمية والبناء.

وإن كنا ننتقد الكهنوتية الظنية عند أهل السنة، فإننا بالتأكيد ننتقد الكهنوتية اليقينية عند الإمامية الإثنى عشرية، ولكننا ندعو إلى تجاوز كل هذا إلى مجتمع إنساني ملتحم، وما تسليطنا للضوء على بعض الجوانب في شخصية عمر إلا إزالة أي شبهة كهنوتية حتى ولو كانت على شخصية عمر، وبإزالة الكهنوتية عن عمر بالتالى، فأي ادعاء للكهانة من غيره هو محض هراء.

من المؤكد أن عمر هجَّر نصارى نجران إلى العراق والشام، وأمر بتعويضهم، مع العلم أنه من غير الممكن التعويض، من الممكن التعويض المادي، ولكن من المؤكد أن التعويض المعنوي مستحيل، وكان هذا تحت دعوى لا تجتمع فى جزيرة العرب قبلتان، كان من الممكن أن نتفهم الأمر لو تم تسويقه بشكل سياسي، ولكن إعطاءه بعدا دينيا يثير مخاوف كثيرة وربما يثير تساؤلات عن تهجير اليهود، هل كان عن تآمر سياسي مارسه اليهود ضد الدين الجديد، سواء فى بني قريظة أو بني النضير وغيرهم، أم من منطلقات دينية، والمشكلة الكبيرة أن يتبنى لاحقون متطرفون هذا الأمر وكأنه دين وربما يمارسونه فى أي مكان تحت دعاوى تطهير ديني من منطلقات أن هذا المكان لا يجتمع فيه دينان أو لا تجتمع فيه قبلتان، رغم أن المجتمع الإنساني تجاوز هذا الأمر بشكل كبير، بحيث أصبح من الممكن أن يتحمل مكان مئة عقيدة وأكثر من ذلك، وقد شرح لي الصديق المصرى الذى سافر إلى كندا، كيف وجد فى أحد المطارات مكانا مخصصا للعبادة بشكل عام، وشرح لي كيف كان يقف بجوار صديقه يصلون صلاة الظهر، وبجانبهم آخر يؤدي الصلاة المسيحية ويقوم بالتصليب، وأخرى تمارس طقوسها البوذية، والأيقونات كلها موجودة سواء كانت تماثيل أو رموزا، ربما ينتقد الأصوليون هذا، ولكني أجده ملمحا حضاريا وإنسانيا راقيا، فليمارس كل منا طقوسه كما يراها، ولنجتمع بالحب داخل هذا المجتمع الإنساني للبناء، ولننظر أين كندا الآن وأين نحن حتى نعرف حجم المشكلة، فالتناحر داخل الدين الواحد يأكلنا وينهش فينا نهشا.

نعود إلى عمر.. مشهدان كثيرًا ما كان يشير إليهما المشايخ على أنهما من سمات العدل، ولكن من الممكن أن تكون هناك زاوية أخرى للرؤيا. المشهد الأول هو مشهد الثوب الطويل الذي أخذه عمر وعارضه المستمعون، وكان رده أن ابنه تنازل له عن جزء من ثوبه، والمشهد الثانى عندما سمع تأوهات الطفل الذي فطم مبكرا، لأن عمر كان يفرض الأعطيات للأفراد من بعد الفطام، فكانت النساء تسرع بإفطامهم، ففرض بعد هذا الموقف للمفطوم وغير المفطوم.

هذان المشهدان لم يكونا يمثلا العموم على الأمة الإسلامية المترامية الأطراف شمالا وجنوبا، ولكنه كان يمثل حاضرة الخلافة فقط وهي المدينة، أما الأطراف فكانت تدفع لا تأخذ وفى الوقت الي وصل فيه خراج الكوفة 12 مليون دينار، تجاوزت مصر هذا الرقم بكثير، وكانوا يفرضون عليهم بجانب الأموال السائلة، منتجات الزراعة من قمح وأرز وكذلك أقمشة ومنتجات صناعية، وهذا ما جعله يوزع على أهل المدينة أقمشة، ولم تكن الأعطية لأهل المدينة متساوية، ولكن كانت هناك طبقات، فنساء النبي شىء، والمهاجرون شيء، والأنصار شيء آخر، والطلقاء شيء مختلف، وربما كان وراء الأمر أهداف سياسية؛ ففي الوقت الذى كان يريد استبقاء كبار الصحابة في المدينة للمشورة ودرء فتنة المال عنهم، كان يريد إبعاد الآخرين عن حاضرة المدينة لتحصيل أرزاقهم عن طريق القتال والمشاركة في الحروب، والمحافظة على مستوى من النقاء معقول داخل المجتمع النبوي، وإن كان لم ينجح فى ذلك بشكل كافٍ، فقد أغرت الدنيا أهل المدينة أيضا وتدفقت عليهم المحظيات والسراري من كل مكان، وربما كان هذا سبب فتواه بحساب الطلاق الثلاثى فى المرة الواحدة بطلاق بائن، لأن الأسر علاها التفكك بسبب المحظيات، فكانت المحظية الشامية أو المصرية تتمنع عن مالكها وتشترط عليه طلاق زوجته ثلاثا، فكان يسايرها حتى ينال منها وبعد وقت ربما يمل ويريد العودة إلى زوجته الأولى.

ورغم هذه الأموال الطائلة التى كانت تُجمع لحاضرة المدينة، كان كثير من الولاة والأمراء على المدن يحصدون أموالا لهم، مما كان يضطرهم إلى المبالغة في تحصيل الزكاة والخراج، حتى يحققوا رغبات المدينة، ويحققوا رغباتهم الشخصية النهمة في نفس الوقت، فما كان من عمر، إلا بعد وجود شبهة لديه في غنى أحدهم، أن يقتسم معه ماله، وهذا ما فعله مع أبى هريرة بعد أن ولاه على البحرين، وكثير من الولاة غيره، وكان هذا سببا رئيسيا لعزل خالد بن الوليد.

حتى قضية «لو عثرت بغلة فى العراق، لسألني الله عنها لماذا لم تسوِ لها الطريق»، سواء كان هذا القول صحيحا أو مكذوبا، ولكن الطرق كانت وسيلة مهمة لتوطيد أركان الدولة، فهي تؤدي إلى سرعة تحميل الخراج والأموال إلى مركز الخلافة، وفي نفس الوقت سرعة وصول المدد والجيوش إلى المناطق المتمردة، وقد أخذوا هذا من الإمبراطوريتين العظيمتين، وكانت الطرق تحتاج إلى الصيانة دائما، وإلى التوسعة وإلى مد خطوط جديدة، ولم يكن يفوت عمر الذكاء والفطنة للاهتمام بذلك لتثبيت أركان دولته الممتدة. أيضا تورط عمر بعد إغراء أمراء جيوشه للتوسع دون اعتداء من الطرف الآخر، بما سموه بعد ذلك جهاد الطلب، وليس جهاد الدفع، وكان هذا سبب شرعنته بعد ذلك.

كان عمر شديدا مع أهل بيته ومع نسائه، وكان هذا سبب طلاقه لزوجاته الأربع، حتى عاتكة الزوجة التى مات على فراشها وكانت بارعة الجمال وكانت بنت عمه، وكانت زوجة وعاشقة لعبد الله بن أبي بكر الصديق قبله، وكانت شاعرة وقالت فيه شعرا كثيرا، تمنعت عليه يوم دخلته عليها، بسبب تذكير علي لها بأشعارها فى عبد الله وتذكيرها بوعوده لها بعدم الزواج بعده، فلما تمنعت عليه، اضطر لانتهاكها كما تقول الروايات فى هذا الموقف.

المقال

Related

Share

Rating

0 ( 0 reviews)

Post a Comment

Category
Author
More Options
  • Recent
  • Popular
  • Tag
Tags