كان القساوسة فى العصور الوسطى يوزّعون صكوك الغفران.. أما شيوخ اليوم فلا يملكون إلا صكوك جهنم أحمد عمر هاشم: ناقد البخارى آثم.. ومَن سمح له بالنشر آثم.. والتشكيك فى البخارى عدوان على السُّنة وبالتالى هو عدوان على الإسلام.

سامح عيد

للأسف الشديد، ما زال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، يصر على التحصين وإصباغ القداسة على غير المقدّس، فقد بدأ كلامه: لقد زعم بعض الآثمين أن في أحاديث صحيح البخاري عددًا كبيرًا من الأحاديث التى لا يستسيغها فكرهم وعقولهم.

وقال فى موقع آخر: والذنب فى هذا ليس ذنبكم وحدكم، ولكن يشارككم فئ هذه الجريمة النكراء أولئك الذين طبعوا كلامكم ونشروه والذين أتاحوا لكم مساحة ليست قليلة في القنوات الفضائية لتفتروا بها على دين الله وعلى سُنة رسول الله «ص» وعلى أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى (يقصد طبعًا الأستاذ إبراهيم عيسى وغيره ممن يسمح بنشر الافتراء على دين الله كما يدَّعئ، ومن المعلوم أن جريدة (المقال) من أكثر الجرائد حديثًا في هذا الأمر)، وقال في موضع آخر: فلعبت برؤوسهم الأهواء المشبوهة، فزعموا بدافع الهوى والتعنُّت أن فى صحيح البخاري أحاديث ليست صحيحة، ولو أنهم حكموا ضميرًا حيًّا وعقلاً سليمًا وسألوا أهل الذكر ورجعوا إلى الحق ما كانوا ليدَّعوا هذا الادّعاء الباطل والظالم.

ما رأي الدكتور هاشم أن الشيخ محمد الغزالى وكذلك محمد رشيد رضا وكذلك الشيخ محمد عبده وعبد المتعال الصعيدى ومحمد أبو زهر وابن باز، كل هؤلاء ردّوا أحاديث فى البخارى، بعضهم بسبب علّة فى السند وبعضهم بسبب علّة فى المتن، بمعنى أن عقولهم لم تستسيغها، وقد قُلت فى معرض كلامك إن الهجوم على السنة هو هجوم على القرآن، لأن السنة مفسّرة القرآن، فماذا إذا كانت السنة ناسخة للقرآن، فعندما يتحدَّث القرآن عن التسامح وحرية الاعتقاد فى 120 آية، منها «مَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر»، و«لكم دينكم ولى دين»، و«إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر»، وتأتي السنة لتنسخ القرآن وتقول «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله»، وأحاديث كثيرة عن حرق علِي للعصاة أو حدّ الردة أو غيرها، فقد ذكرنا تلك الأحاديث كثيرًا، وربما حديثه اليوم يكون خاصًّا بأحاديث معينة ذكرناها مؤخرًا، فبدلاً من محاولة الرد على الحديث، ذهب إلى التعميم والهجوم العام والتأثيم، بل الوصول إلى حد التكفير والتشهير والتحريض، فقد قال فى نهاية مقاله: ولا بد أن يكون الأمر معلومًا للمتطاولين على سنة رسول الله «ص» والذين حاولوا عبر بعض مقالاتهم وبعض الفضائيات أن يردّوا الأحاديث النبوية الصحيحة، بادعاء عدم فهمهم واستساغتهم لها، ليكن معلومًا لهم أن رد الأحاديث الصحيحة وادعاء أنها ضعيفة من أخطر ما يكون، لأنه كذب على رسول الله، لأن الكذب كما يكون بإدخال ما ليس من الحديث في الحديث.

ومعنى كلمته الأخيرة، بأنه يعدنا أن نتبوأ مقعدنا من النار، لأن الحديث يقول «من كذب عليّ عامدًا متعمدًا فليبتوّأ مقعده من النار»، ومعنى كلامه أن مَن ادّعى أن رسول الله قطع الأيدي والأرجل وسمل الأعين وترك الناس يموتون من العطش لا يكذب على رسول الله، ومَن ينفي عنه هذه التهمة فهو يكذب على رسول الله، مَن يدَّعي أن رسول الله سيقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومَن يغيّر اعتقاده سيقتل، وأن رسول الله قتل كعب بن الأشرف غيلة، وكذلك أبا الحقيق، وكذلك عصماء بنت مروان، وأنه ذبح كل مَن أنبت من بني قريظة، بمعنى من بلغ السنوات العشر أو ربما أقل، وكانوا تسعمئة رجل وغلام فى صبيحة يوم واحد، أو أنه طلب من الجونية أن تهب نفسها له، وعندما رفضت ضربها، أو أن تفسير «فأتوا حرثكم أنّى شئتم» تعني إتيان المرأة فى دبرها. مَن يدَّعي كل هذا فهو صادق مع رسول الله، ومن ينفي عنه كل هذه التهم فهو كاذب على رسول الله عليه أن يتبوأ مقعده من النار! قولاً واحدًا أريده من الدكتور عمر هاشم، يقول بصراحة للقراء ما تصنيف علماء الحديث لكتاب البخاري، هل قطعي الثبوت أو ظنّى الثبوت أو غلبة الظن؟ كل المعلومات التى لديّ من كتب العلماء السابقين تقول إنه ظنّي الثبوت في أغلبه بل فى معظمه، ثانيًا ما قول العلماء فيمن ينكر شيئًا ظني الثبوت، أما التلاعب بكلمة صحيح التى لا تنفي عن الحديث الظنية ولا تعني اليقين أو غلبة الظن بأي حال من الأحوال، ولكنه التضليل على الجمهور المتعمد الذي لا يدرك الفروق بين الكلمتَين.

وقد صنف الدكتور هاشم ناقدي البخارى إلى قسمَين، جاهل أو قادح عامد، وقال عن القادح العامد إنه بتشكيكه فى البخاري يهدم السنة، وبالتالى ينال من الإسلام كله.
وبصراحة رغم التحريض وتوزيع صكوك جهنم التى تمارسها فلن نكف عن الدفاع عن النبوة، بنفى أى شىء يخرج من الرحمة إلى القسوة، ومن العدل إلى الجور، ومن التعفف إلى الشهوة ومن الشجاعة إلى الخسة والندالة عن رسولنا الكريم، وليعترض المعترضون وليرفض الرافضون، وليوزعوا صكوك جهنم كما يحلوا لهم، وموعدنا وموعدهم يوم القيامة أمام الله العادل الكريم الرحيم الحق السلام، وندعو الله أن يهدينا إلى الحق ويرزقنا اتباعه، قولوا آمين.