أوضحت ناشرة المجلة النسائية "الغزالة" أن المسلمين في ألمانيا يتحاورون اليوم بطريقة أكثر تحررا حول دينهم. وهذا يضع علامات استفهام على علاقة السلطة الذكورية.
" أعتبر عائلتي محافظة"، تقول زينب المسرار عن عائلتها المغربية المهاجرة في ألمانيا. الكاتبة التي نشرت عدة كتب حول الإسلام، تؤكد أنها استفادت من تربيتها الدينية التقليدية، وتعلمت القرآن على يد والدها وتقول إنها كانت مطالبة "كل يوم أحد بحفظ آيات من القرآن غيبا مثل أطفال الكتّاب". لكن رغم ذلك كان والداها متسامحان جدا معها، إذ لم يكن هناك مجال لمحرمات لا يحق للبنات فعلها، وهذا ما طبع شخصية زينب وأكد لها أن الشخص المحافظ لا يعني بالضرورة أن يكون رجعيا أو متعصبا.
وكان بإمكان زينب المسرار فيما يخص قضايا الدين أن تناقش كل شيء مع والدها الذي كان يهمه أن تطرح عليه بنته أسئلة. وبالنسبة إلى أمها التي لم تر أبدا مدرسة من الداخل كان من المهم أن تكون زينب امرأة مستقلة تمضي في طريقها الخاص، وبالتالي فإنها تعتبر والديها مصدر إلهام لها.
هل الحجاب موضة أم رمز ديني؟
الحجاب في ألمانيا كما في العديد من البلدان الأوروبية، مادة دسمة للجدل والنقاش. فهل هو رمز قمع للمرآة؟ وهل يشير إلى أن المرء راديكالي أكثر من غيره؟ وهل هو رمز لمستوى تأهيل علمي متدن؟ ترد على ذلك زينب في حوارها مع DW بأن "هذه الصورة القديمة عن الحجاب تغيرت". في السابق تم ربط الحجاب بالسذاجة وقلة التأهيل، أما اليوم فتضع في ألمانيا نساء الحجاب وقد ذهبن إلى المدرسة هنا وتعلمن وحصلن على شهادات عليا. وتضيف بأن الحجاب بات قطعة موضة، فاليوم يوجد نساء محجبات منفتحات على العالم ومعاصرات.
زينب المسرار نفسها غير محجبة، وذلك لسببين: من جهة لأن القرآن لا يفرض الحجاب، حسب رايها ومن جهة أخرى لأنها لا تقبل كناشطة نسوية أي نظام محدد في اللباس. وتقول بأنها معجبة بالموضة، وهي تناضل من أجل أن تلبس المرأة ما يروق لها.
الإسلام المتسامح كنموذج مستقبلي؟
" نحن نتحاور بشكل مختلف بوتيرة أقوى وأكثر حول الإسلام في ألمانيا"، تقول زينب المسرار ناشرة مجلة "الغزالة" وتوضح لـ DW بأنه يمكن اليوم في ألمانيا التعرف على الإسلام في المدرسة ودراسته في الجامعات وتأويله من جديد. وهذا يعود أيضا لوجود ناشطين مسلمين فاعلين أكثر اليوم. وإن وجود حركة نشطة اليوم فيما يرتبط بالإسلام في ألمانيا، يعود أيضا إلى مؤتمر الإسلام في ألمانيا الذي دُعيت إليه وشاركت فيه زينب المسرار. وتم إطلاق مؤتمر الإسلام في ألمانيا عام 2006 من قبل وزير الداخلية السابق فولفغانغ شويبله ويهدف إلى دعم الحوار بين الدولة الألمانية والمسلمين المقيمين في البلاد.
وتؤكد زينب "أينما وُجد المسلمون في ألمانيا، فإنه يوجد نوع من الإسلام الألماني" الذي يحمل جزئيا طابعا تركيا أو مغربيا أو سلفيا. وتفيد أن المهم هو الاستمرار في تطوير الإسلام الذي يساند القيم الإنسانية التحررية. وتقول زينب في حوارها مع DW "على المسلمين الجدال حول الإسلام انطلاقا من الدستور الألماني". وهذا "يمكن تعليله انطلاقا من القرآن والتقاليد". لكن هذا سيكون عملية صعبة، لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار كيانات تتمع بالسلطة وسيجبر الاتحادات الإسلامية التقليدية على النضال من جديد من أجل مواقعها السلطوية، وربما خلال 10 - 15 عاما لن تتمتع بالسلطة التي تتمتع بها الآن.
"الكثير من الرجال أيضا يعانون من الثقافة الذكورية
بعدما وقعت في ألمانيا سلسلة من الاعتداءات ضد نساء، يتحدث سياسيون بالنظر إلى الجناة عن "شباب مسلمين يوجههم هورمون الذكورة". فهل يمكن تعليم هؤلاء الرجال الاحترام تجاه النساء؟
فأينما وُجدت الثقافة الذكورية، فإن صورة المرأة لدى الرجال تمثل إشكالية، كما تفيد زينب المسرار التي أكدت أن الرجال مستعدون أيضا لمراجعة مواقفهم وسلوكهم. إلا أن هذا يبقى صعبا، لأنهم لا يجرؤون على ذلك في وسطهم الاجتماعي، حتى لا يتم تهميشهم. فهم بحاجة إلى مجال يمنح الحماية حيث يمكن لهم الحديث عن بنية الثقافة الذكورية ومفاهيم الشرف. وهناك مشروع في برلين يوفر هذه الإمكانية، لأن "الكثير من الرجال يعانون أيضا من الثقافة الذكورية".
ماركو مولر/ م.أ.م