رضا بهلوي:
"في 14 كانون الأول/ديسمبر، ألقى رضا بهلوي، نجل شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي، كلمة أمام منتدى سياسي في معهد واشنطن. وفيما يلي ملّخص المقرّر لملاحظاته".
"منذ تأسيسها عام 1979، عززت الجمهورية الإسلامية مصالحها الإيديولوجية والاقتصادية على حساب الشعب الإيراني. فعلى الصعيد المحلّي، قامت بقمع التقاليد القديمة، واضطهاد النساء والأقلّيّات الدينية عبر التمييز المؤسسي، وتحويل الثروة الوطنية إلى فئة من الفاسدين البعيدين كل البعد عن آمال الشعب وأحلامه.
ولا يتوقف الفساد المنهجي الذي يمارسه النظام على انتهاكات حقوق الإنسان على الحدود الإيرانية. فعلى مدى عقود، نظر النظام إلى مهمة تصدير الثورة الإسلامية بمثابة محور مركزي لبقائه. وبناءً على ذلك، كثّف استثماراته في القوّات شبه العسكرية والوكيلة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وغذّى الحروب بهدف زعزعة استقرار الدول المجاورة، وكان راعياً لهجمات إرهابية في جميع أنحاء العالَم.
لكن على الرغم من القمع الشديد والمخاطر التي تهدد الحياة، شرع الإيرانيون بفتح فصل جديد في كفاحهم ضد النظام، وواجهوا مضطهديهم من خلال حملة عصيان مدني مستمرة وواسعة النطاق. فقد أوضح الشعب أنه يريد استرجاع كرامته ووطنه.
وخلقت هذه الحركة فرصةً تاريخيةً للمجتمع الدولي. فقد تمثّل إيران الديمقراطية أماني شعبها وتُظهِر بالتالي سلوكاً مختلفاً جدّاً في المنطقة. وكدليلٍ على ذلك، لا يحتاج المرء إلّا أن يستمع إلى ما كان يردده المحتجون الإيرانيون بلا كلل منذ شهور: "لا من أجل غزة ولا من أجل لبنان، سأموت فقط من أجل إيران"، و"سوريا وفلسطين هما سبب بؤسنا". وإذا كان المجتمع الدولي ملتزماً بمكافحة السلوك الإقليمي للنظام، سيجد أن الشعب الإيراني هو حليفٌ طبيعيٌّ له.
وأظهر الإيرانيون أيضاً رفضهم الكلّي للجمهورية الإسلامية من خلال رفضهم العام للتصرف وفق إيديولوجيتها. فعلى سبيل المثال، يتجنب العديد منهم الأعلام الأمريكية والإسرائيلية المرسومة على أرضيات جامعاتهم في جميع أنحاء البلاد أو يقفزون فوقها. كما يرددون "عدوّنا موجود هنا، وهم يكذبون عندما يقولون إنه أمريكا". وتُظهِر هذه الأعمال حُسن النية الإيرانية، الأمر الذي يثير استياء حكّام البلاد. كما أنها تسلّط الضوء على الانقسام الحاد بين رغبات الشعب ورغبات مضطهديهم.
وكان ردّ النظام على هذا الاستياء والاضطراب متوقَّعاً: فقد جاء من خلال فرض الرقابة والسجن وحتى [أحكام] الإعدام. ولا يشكّل هذا الرد علامة على التمسك بالسيطرة، بل على انعدام الأمن تماماً، وعلى واقع عدم امتلاك النظام أي حلولٍ يقدّمها لشعبه.
إيران قريبة جدّاً من الانهيار الداخلي، لكن هناك بعض المكوّنات الناقصة قبل أن يكون بالإمكان تحرُّك الوضع نحو تغيير النظام. ويتمثّل أحد هذه المكوّنات برفض واسع النطاق من قبل القوات شبه العسكرية والقوات المسلحة لقمع الاحتجاجات. وسوف تشتدّ مقاومة النظام بشكل كبير إذا قرّرت هذه القوات أنها تريد الانضمام إلى الشعب وأن تكون جزءاً من الحل بدلاً من كونها أدوات تعسفية. وفي هذا الصدد، يجب على قادة المعارضة أن يكونوا واضحين بأن تغيير النظام لن يؤدّي إلى الانتقام من هذه القوات. فالغالبية العظمى من الإيرانيين في [ميليشيا] «الباسيج» وفي منظمات قمعية أخرى تتلقّى الأوامر فحسب. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تذكير هؤلاء الأفراد بأنهم سيستفيدون من تغيير النظام بقدر ما يستفيد باقي الإيرانيين، لأن العديد منهم لا يتلقون رواتبهم في الوقت المحدد وما زال يُتوقَّع منهم إتمام عملهم الشنيع المتمثّل في معاقبة أبناء بلدهم بسبب تظاهراتهم السلمية.
ومن المكوّنات الضرورية الأخرى تحسين التنظيم ضمن حركة المعارضة الديمقراطية. فالكثير من قيادة الحركة متواجدون بالفعل داخل إيران، لكن من غير المحتمل أن يبرزوا بكاملهم إلا عندما ينقلب الوضع لصالح المحتجين. وتحتاج المعارضة الديمقراطية خارج إيران إلى المزيد من التنسيق أيضاً. وتُعتبر حركة "مجاهدي خلق" إحدى الجماعات الخارجية التي لم تكن مستعدة للتعاون مع القوى الديمقراطية، حيث لا يبدو أن قادتها يُشارِكون رؤية إيران الليبرالية الديمقراطية.
وعلى مدى أربعة عقود، استخدم المجتمع الدولي مزيجاً من الضغوط والاسترضاء على أمل إقناع النظام بالتغيير. إلا أن الشعب الإيراني اكتشف مباشرة أنه لا يمكن إصلاح النظام، وبالتالي يشكّل هذا النظام تهديداً للأمة الإيرانية. وبينما يستمر نضال الشعب لاستعادة بلاده، فإن الدعم والمساعدة الدولييْن أمران بالغا الأهمية. يجب على أي سياسة خارجية تجاه إيران أن تأخذ في عين الاعتبار واقع أن الشعب سيكسب نضاله في النهاية - وهو أمراً حتمياً تجسده هتافات الاحتجاجات: "قد نموت، قد نموت، لكننا سنستعيد إيران".
ولضمان أن تكون نتائج هذه الثورة قائمة على المساواة ودائمية على حد سواء، يجب أن تقوم المعارضة الديمقراطية بدور توجيهي. فبدلاً من أن ينتظر قادة المعارضة للظروف التي تؤدّي إلى الفوضى والاضطراب، فقد يفضّلون المشاركة في الانهيار بشكلٍ منظَّم. وتختلف هذه النظرة تماماً عن تلك التي اعتمدها العديد من الإيرانيين في إشعال الثورة عام 1979، عندما أراد البعض قلب نظام الشاه، لكن لم يكن لديهم أي فكرة عما كانوا يريدونه بدلاً منه. واستغل روح الله الخميني هذه المعارضة لتعزيز أهدافه الخاصة. واليوم، يريد الشعب الدخول في عمليةٍ أكثر شفافية، وإقامة نظام علماني ديمقراطي مبني على ضمانات حقوق الإنسان العالمية وسيادة القانون.
ولدعم هذا الهدف، تملك الولايات المتحدة وبلدان ديمقراطية أخرى العديد من الأدوات والخيارات المتاحة لها. على سبيل المثال، يمكنها أن توجّه رسائل بشكل أفضل بكثير إلى إيران. وتميل العديد من الأطراف المموَّلة من دافعي الضرائب في الولايات المتحدة وبريطانيا إلى ترديد المشاعر الإصلاحية، التي تفعل المزيد للترويج لنقاط حوار النظام من قيامها بإبراز ما يريده الشعب من ممثّليه. بالإضافة إلى ذلك، فإن البلدان التي تملك أصولاً مملوكةً للنظام أو تحت سيطرته يمكن أن تلجأ إلى تجميدها لمساعدة المحتجّين داخل إيران.
وفي الوقت نفسه، يجب أن تحاول العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والدول الحليفة إلى فصل مسؤولي النظام عن الشعب. فعلى سبيل المثال، لا يستطيع العديد من الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج إرسال الأموال إلى عائلاتهم التي تعاني في وطنهم بسبب حظر هذه المعاملات بموجب القيود الراهنة. ومن ناحية أخرى، لا تستطيع شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تملك وسائل التحايل على رقابة النظام اتخاذ مثل هذه الإجراءات في إيران لأنها ستخرق العقوبات الراهنة.
وفي النهاية، يتعين على المجتمع الدولي قبول حقيقتيْن صارختيْن هما: عجز إيران عن إقامة ديمقراطية حقيقية طالما يستمر هذا النظام، وعجز الشعب عن الإطاحة بالنظام دون مساعدة خارجية. فما زال على القادة في جميع أنحاء العالَم الإعراب علناً عن دعمهم للمحتجّين في نضالهم الحالي، وقد لاحظ الإيرانيون هذا الصمت. وقد يؤدّي مجرّد التغيير البسيط في الخطاب إلى تعزيز جهود المحتجين ورفع معنوياتهم بشكلٍ ملحوظ.
وبالإضافة إلى إعراب المجتمع الدولي عن تأييده [للمحتجين]، يجب عليه أن يظهر استعداده للتواصل ليس فقط مع ممثّلي النظام، بل أيضاً مع المعارضة الديمقراطية. لم ألتقِ حتى الآن شخصيّاً مع الإدارة الأمريكية الحالية، لكنني أَنْضَم إلى شخصيات أخرى من المعارضة في الترحيب بالفرصة لإيصال أفكارنا واقتراح طرقٍ للتواصل مع المعارضة الديمقراطية داخل إيران وخارجها".
أعد هذا الموجز آرجان غانجي.
أمكن تنفيذ سلسلة برامج منتدى السياسات بفضل سخاء "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان"