بقلم دانيال بايبس
DanielPipes.org
كُتبت النظرة العامة التالية في سياق مؤتمر منتدى الشرق الأوسط، "قطر: حليفة للولايات المتحدة أم خطرٌ عالمي، الذي ينعقد في واشنطن، العاصمة في 6 فبراير 2019. لمشاهدة البث المباشر، انقر هنا.
ثمة لغز مفعم بالمرح قد دار بالفعل في منتصف التسعينيات بين أنماط السياسة الخارجية: في أعقاب الانهيار السوفياتي، من هما القوتان الكبيرتان في العالم؟ الإجابة: الولايات المتحدة وقطر. وبعبارة أخرى، لطالما كانت الطموحات الضخمة لبلد ذي سكان أصليين يبلغ عددهم حوالي 150 ألف نسمة، واضحة.
وفي هذه الأيام، لم يعد نفوذ قطر لغزًا. ويُظهر هذا كلاً من فندق كلاريدج إلى متى تتزوجين؟ لبول غوغان، من الجزيرة إلى كأس العالم 2022، من جهود القرصنة إلى فضائح الرشوة. قامت الحكومة بموازنة روابطها الخارجية بشكل بارع، والتي ترمز إليها قاعدة العديد الجوية المستخدمة في الغالب من قبل القوات الأمريكية مقابل القيادة المشتركة للقوات القطرية التركية.
في جزء منه، أصبح هذا السجل الرائع ممكناً بفضل الثروات الفريدة من نوعها التي تمطر على تعداد السكان الصغير للبلد (الذي يصل الآن إلى أكثر من 300000، أو حوالي 1 بالمائة من سكان شنغهاي). يجلب حقل غاز دوم الشمالي الشاسع لرعايا البلاد (مقابل العدد الكبير من الأجانب) دخلاً للفرد يبلغ قدره 500000 دولار أمريكي، أو أكثر بخمس مرات من ثاني أغنى دولة، أي لوكسمبورغ.
ومن جانب آخر، ينعكس دور قطر الكبير على طبيعة البلد وقيادته. وكما هو الحال في المملكة العربية السعودية، تهيمن الأيديولوجيا الوهابية المتطرفة على قطر، مما يمنح شعبها شعوراً بالهدف والطموح يتناسب تماماً مع حجمها. قيادتها الأخيرة، الأمير حمد ( 1995-2013) والآن ابنه تميم (2013-)، وكذلك أقاربه ومساعديه، ينغمسون في عظمة زائدة يرمز إليها إلى حد كبير اسم حمد (بالأحرف اللاتينية) الذي يمتد على ارتفاع كيلومتر واحد وعرض ثلاثة كيلومترات الذي حفره الأمير حمد في فترة وجيزة وبشكل غامض في رمال جزيرة في عام 2010، ثم مُحي بشكل غامض بعد عامين.
قد يكون امتداد قطر أكثر وضوحاً في دعمها المعلن للجماعات الجهادية في أماكن متنوعة مثل العراق (القاعدة)، وسوريا (أحرار الشام، جبهة النصرة)، وغزة (حماس)، وليبيا (كتائب دفاع بنغازي) . بالإضافة إلى ذلك، تدعم قطر الشبكات الإسلامية البارزة في جميع أنحاء العالم - بما في ذلك الإخوان المسلمين في مصر، وحزب العدالة والتنمية في تركيا والجماعة الإسلامية في بنجلاديش.
في الدوحة، توفر الحكومة لطالبان مكتباً. فالشخصيات الإسلامية، مثل الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي، وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، قد أقاموا على مدى عقود بمنازلهم في الدوحة.
في الغرب، أصبحت قوة قطر أكثر حذراً وتزدهر دون مقاومة. أولاً، تمول المساجد والمؤسسات الإسلامية الأخرى، التي تعبر عن امتنانها من خلال الاحتجاج خارج سفارات المملكة العربية السعودية في لندن وواشنطن.
لكن الدوحة لا تعتمد فقط على الشتات الإسلامي في الغرب من أجل دفع جدول أعمالها قدماً، بل تعمل على التأثير على صناع السياسة الغربيين والجمهور مباشرةً.
أصبحت شبكة الجزيرة التلفزيونية الضخمة واحدةً من أكبر شبكات البث في العالم وأكثرها شهرة. وتنتج محطات اللغة الإنجليزية التابعة لها دعايةً بارزةً ضد أعداء قطر، مرتديةً الخطاب الليبرالي الغربي. ويستهدف آخر مشروع للجزيرة - المتمثل في قناة وسائل الإعلام الاجتماعي، AJ + - الشباب الأميركي التقدمي. تقع أفلامها الوثائقية عن شرور إسرائيل والمملكة العربية السعودية وإدارة ترامب بين التغطية المتوهجة لحملات حقوق المتحولين الجنسيين والنداءات العاطفية لمحنة ملتمسي اللجوء على الحدود الجنوبية لأمريكا - وهي مواضيع تبدو غير مألوفة بالنسبة لمذيع يسيطر عليه نظام وهابي.
كما تسعى الدوحة للتأثير على المؤسسات التعليمية الغربية. تمنح مؤسسة قطر التي تسيطر عليها الحكومة عشرات الملايين من الدولارات للمدارس والكليات والمؤسسات التعليمية الأخرى في أوروبا وأمريكا الشمالية. وبالفعل، أصبحت قطر الآن أكبر مانح أجنبي للجامعات الأمريكية. و تظهر أموالها المدفوعة لتدريس دروس اللغة العربية والثقافة الشرق أوسطية وعزمها الأيديولوجي في بعض الأحيان دون خجل، كما هو الحال في خطة درس في المدارس الأمريكية بعنوان: "عبر عن ولائك لقطر".
والآن وقد استيقظت حكومات السعودية والإمارات ومصر وغيرها من الحكومات العربية على التهديد الذي تشكله قطر، ألم يحن الوقت للغربيين أن يفعلوا ذلك أيضاً؟ يسعى مؤتمر منتدى الشرق الأوسط في السادس من فبراير إلى تسليط الضوء على واحدة من أصغر وأغنى دول العالم وأكثرها قوةً وشراً، من خلال التركيز على سؤالين: ما الذي تفعله حكومة قطر؟ ما هو هدفها؟
موقع دانيال بايبس