يؤمن العديد من المسلمين بالطب النبوي، وهو مجموعة من النصائح يُزعم أنها منقولة عن النبي محمد تتعلق بالطب الذي تطبب به ووصفه لغيره، والتي وصلت لجميع المسلمين عن طريق أحاديث منسوبة للنبي، يتعلق بعضها بوصفات علاج وأخرى بكيفية الوقاية من أمراض.
وتزخر القنوات المختصة بالدين الإسلامي بالبرامج التي تتناول الطب النبوي، وتنتشر في مكتبات الدول الإسلامية مئات الكتب التي تتناول هذا الأمر.
الطب النبوي وهم
يقول المروجون للطب النبوي إنه تناول علاج أمراض القلوب والأنفس والأبدان والأرواح، مشيرين إلى أنه ينقسم إلى علاج بالأدوية الطبيعية، وأخرى تتعلق بالأدوية الروحانية، مثل الأدعية والصلاة والقرآن.
"الطب النبوي" مجرد وهم في رأي الداعية المصري خالد الجندي الذي أكد أن النبي محمد نفسه مات مريضاً، واصفاً من يروجون للطب النبوي بـ “المتحيلين”. هل نسف الجندي أطروحة الطب النبوي برمته وما مرجعية الوصفات العلاجية المنتشرة على أنها من صنع النبي؟
وبحسب الداعية خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، لا يوجد ما يسمى الطب النبوي، مضيفاً أن ما كان ُيتداول في عهد النبي محمد هو الطب البدوي الذي عرّفه ابن القيم، الذي كان يرى أن الروح أو النفس هي السبب في المرض، وهذا ما وصفه الجندي بأنه كلام ليس علمياً ولا أساس له من الصحة.
تابع الجندي في برنامج "لعلهم يفقهون"، التي عرضتها فضائية دي إم سي المصرية الخميس الماضي أن النبي محمد نفسه لم يكن له طبيب ومات مريضاً ولم يعرف أحد إلى يومنا هذا سبب مرضه الذي مات به مؤكداً أنه لو كان هناك وقتذاك أطباء لزارهم النبي وكان دعا الناس من بعده إلى الذهاب إليهم بهدف الشفاء.
ودعا إلى توقف الناس عن نشر ما يسمى بالطب النبوي، لأن هذا يعدّ تدليساً واحتيالاً، بحسب قوله.
وبحسب المروجين للطب النبوي فإن علاجه ينقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول هو العلاج بالأدوية النبوية الطبيعية، ويشمل العلاج بالعسل وبول الإبل وألبانها وإخراج الدم من الجسم (الحجامة) والعلاج بالكي والحناء والتمر والتلبينة وغيرها.
أما النوع الثاني فهو العلاج بما يطلقون عليه الأدوية “ الإلهية" ويشمل علاج العين والسحر والرقية الشرعية والاغتسال، أما القسم الثالث فهو العلاج بالنوعين السابقين معاً.
الطب النبوي يتعارض مع العلم
في تصريح لرصيف22، أكد الطبيب أحمد موافي، أستاذ الجراحة العامة، أن ما يُطلق عليه الطب النبوي يتعارض مع العلم بشكل كبير، مؤكداً أن من يروجون لهذا النوع من الطب المزعوم هدفهم التكسب والضحك على البسطاء من الناس، مبيّناً أنه حتى الأحاديث التي يقولون إنها تثبت صحة الطب النبوي وتناولت بول الإبل وحبة البركة وغيرهما، لم تحدد الجرعات المحددة للعلاج كما لم تحدد ما هي الأمراض التي تعالجها هذه المواد. والخلاصة هي أنه لا توجد مصادر حقيقية لما يسمى الطب النبوي، لكن هناك اجتهادات يتم ربطها بالدين ليحقق أصحابها مكاسب.
يكمل موافي أنه لا توجد أبحاث علمية حقيقية تؤكد صحة ما يطلق عليه الطب النبوي، مضيفاً أن الكتب التي تباع في المكتبات وتزعم أنها تقدم للناس الطب النبوي بالتفاصيل هي مجرد أكل عيش، ومن قاموا بتأليفها هم أقرب للدجالين، هدفهم الوحيد تحقيق مكاسب من بسطاء المسلمين.
يضيف موافي أنه حصل على نسخة من أحد الكتب التي يزعم مؤلفها أنه يمكن علاج مرض الإيدز عن طريق عسل النحل، واصفاً المؤلف بأنه شخص لا يعرف أساساً ما هو مرض الإيدز ويخلط بين المرض والفيروس المتسبب به والمعروف باسم إتش آي في، وينشر أكاذيب، ويا للأسف، يتم ذلك من دون رقابة الحكومات.
النبي محمد والرنين المغناطيسي
قبل سنوات بدأ الطبيب والكاتب المصري خالد منتصر حملة ضد الطب النبوي والطب البديل مؤكداً أن من يروج لهما يروج للدجل والشعوذة ويتناسى العلم، لافتاً إلى أن من يؤمن بهذه الأشياء ولا يلجأ للطب الحقيقي قد يعرض نفسه لخطر الموت.
أضاف في لقاء سابق معه على إحدى القنوات المصرية أنه لو كان النبي محمد يعيش بيننا الآن لذهب للخضوع لفحص أشعة رنين مغناطيسي ولاقتنى أدوية بهدف الشفاء على حد قوله.
ويتساءل منتصر لماذا لم نسمع عن الهندسة النبوية والفيزياء النبوية ويظل الطب هو المستباح؟ يجيب عن السؤال "الأمر مجرد "سبوبة” (مسبة) من بعض رجال الدين ولا علاقة للدين بذلك".
في العام 2017 أوصت هيئة مفوضي الدولة للقضاء الإداري في مصر باعتبار الطب البديل والعلاج بالأعشاب من العلوم الزائفة وسبل الغش والتدليس والدجل الطبي.
وقالت الهيئة في تقريرها إن هذه الممارسات تقوم على وسائل لا تعتمد على المنهج العلمى الصارم المتبع فى كليات ومدارس الطب والصيدلة الحديثة المعترف بها، حيث لا تخضع هذه الممارسات والعلاجات لقواعد الفحص والتجريب والاختبار المشروطة في المنهج العلمي. وبينت الهيئة أنه غالباً ما تكون هذه الممارسات أو العلاجات قائمة على التقاليد والموروث الشعبي أو الخرافات والمعتقدات المحلية أو العقائد أو الأديان أو قوى خارقة للطبيعة، أو المغالطات العلمية الجسيمة أو وسائل الاحتيال والتدليس أو الدعاية الإعلامية الموجهة الكثيفة.
وتواصل رصيف22 هاتفياً مع دار الإفتاء المصرية لمعرفة موقفها من الطب النبوي فأكدت أن الطب النبوي ليس بديلاً للطب الحديث، مشددة على أنه إذا قال العلماء إن بعض ما جاء في الطب النبوي لن يفيد في علاج الأمراض، فعلى المواطنين اللجوء فقط للطب الحديث، فالعلم هو الأساس.