أثار حادث إيقاف شرطي مجموعة من الأساتذة الجامعيين في تونس بتهمة "المجاهرة بالإفطار" في رمضان، جدلاً في الشارع التونسي فانقسمت الآراء بين مرحب ورافض، ففي حين ندد نواب وحقوقيون بالاعتداء على الحريات الشخصية التي يكفلها الدستور، رحب رجال دين بما قام به الشرطي، معتبرين "غيرته على دينه هي جعلته يقوم بهذا التصرف".
وكان الأستاذ والباحث الجامعي عبد المجيد الجمل قد ذكر أن أحد رجال الأمن أوقفه وزملاءه بسبب ارتيادهم المقهى خلال نهار رمضان، وكتب الجمل على حسابه الرسمي على فيسبوك، منشوراً بعنوان "الحريات الفردية زمن ما بعد الثورة"، روى فيه ما تعرض له. ومما كتب: "كنت اليوم مع بعض الزملاء من التعليم الثانوي بأحد المقاهي في مدينة صفاقس (جنوب شرقي البلاد) ودخل أحد الأعوان (رجال الشرطة) بزيه المدني وطالب ببطاقات التعريف، وهذا من حقه، فطلبت منه بطاقة هويته، وهذا قانون ملزم به. فرد بغضب وأظهر مسدسه الشخصي قائلاً أمام الجميع: هذه هويتي!".
تابع الجمل في منشوره أن رجل الشرطة "لم يكتف بذلك، بل طلب منا الذهاب للمنطقة (مركز أمني) معه. وعند وصولنا، تعامل معنا رئيس المركز باحترام كبير. استوضح المسألة وسجل بعض المعطيات حول هوياتنا ثم قام بإيصالنا بسيارته الخاصة إلى نفس المكان الذي خرجنا منه. ما نستنتجه مما حدث، أن مسألة الحريات الفردية تشهد ردة ما بعد الثورة وسنواصل النضال من أجلها. وبقدر احترامنا الكبير للعديد من رجال الأمن، فإن بعضهم- وأتمنى أن تكون أقلية- ما زال يحتاج إلى مزيد من التكوين على المستوى القانوني والحقوقي".
"حادثة خطيرة"
الحادث أثار غضب جهات عدة في تونس، فاعتبرت نقابة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في صفاقس أن ما حدث للجمل وزملائه "حادثة خطيرة"، مطالبةً بفتح تحقيق.
فيما كتبت البرلمانية التونسية ابتسام الجبابلي على فيسبوك "ملاحقة المواطنين بسبب المجاهرة بالإفطار واعتباره يمثل تجاهراً بالفحش واعتداء على الأخلاق الحميدة، يمثل انتهاكاً للحقوق والحريات الأساسية. حرية الضمير هي حق إنساني ومواطني".
أما رابطة حقوق الإنسان فأصدرت بياناً ندّدت فيه بما قالت إنه انتهاك صارخ للحريات الشخصيّة والحقوق الفرديّة لغير الصّائمين خلال شهر رمضان، متهمةً عناصر الأمن بمداهمة المقاهي وترويع مرتاديها.
ترحيب من بعض رجال الدين
من ناحية أخرى، رحّب بعض رجال الدين بما قام به الشرطي الذي أوقف الأساتذة، فعلق الشيخ عادل العلمي "رجل الأمن مسلم يغار على دينه والشعب التونسي يؤيده بقوة ويسانده".
وكان الداعية بشير بن حسن قد طالب في وقت سابق، السلطات التونسية بإغلاق المقاهي خلال شهر رمضان حفاظاً على السلم الاجتماعي.
أما الحقوقي ناصر الهاني فرأى أن الحادث مختلق ولا أساس له من الصحة، معتبراً أن الأمر كله "إحدى فبركات يسار فارغ وجودياً وحضارياً"، بحسب قوله.
ولا يتضمن القانون التونسي فصلاً يعاقب على الإفطار في نهار رمضان، لكن يقول مراقبون إنه خلال السنوات الماضية، ظهر اتجاه محافظ في البلاد، يرفض أن تصل الحريات الفردية حد المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان، كما قامت قوات الأمن باعتقال بعض المواطنين بسبب مجاهرتهم بالإفطار في رمضان، وتسبب ذلك بغضب مستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، سرعان ما أطلقوا حملات للمطالبة بتناول الطعام والشراب علانية، أبرزها حملتا #مش_بالسيف و #فاطر.