سناء العاجي
"دراسة أسترالية تفسر سبب تأثير كورونا على مرضى السكري والضغط بشكل أكبر"؛
"دراسة ألمانية تحدد تأثير الكلوروكين على مرضى كورونا"؛
"فريق طبي ياباني يجري اختبارات حول لقاح محتمل ضد فيروس كوفيد 19"؛
"جون ألميدا... العالمة البريطانية التي اكتشفت فيروس كورونا"؛
"أطباء أميركيون يعلنون"...
بالفعل، لم يجد العلماء بعد علاجا لفيروس كورونا. تُجرى الاختبارات في عدد من مختبرات العالم. يناقش الخبراء العديد من التفاصيل الخاصة بالفيروس لتحديد خصائصه البيولوجية وكيفية انتقاله وتطوره، يبحثون عن لقاح، يجربون الحلول المحتملة... ويوما ما، نتمناه قريبا، سيعثرون عن لقاح يخصلنا من هذا الكابوس.
من المحتمل أن يعرف الفيروس جيلا جديدا وطفرة تجعله يعود بيننا. وحدهم الأخصائيون قادرون على دراسة الاحتمالات الممكنة وكيفية التصدي لها...
لكن المثير لبعض الألم، هو أن معظم هذه الدراسات والمختبرات والبحوث... معظم هؤلاء العلماء، هم من الغرب الكافر ومن الشرق المتطور... شرق آخر لا علاقة له بشرقنا المتوسط، وغرب حقيقي لا علاقة له بالغرب نفسه الذي توجد به دول كالمغرب والجزائر وتونس.. بحوث وعلماء ومختبرات من ألمانيا وأستراليا واليابان وبريطانيا وكندا... بينما نحن غير قادرين حتى على احترام شروط التباعد الجسدي والحجر الصحي.
بعضنا حزين لأن المساجد أقفلت (علما أن جل أماكن التعبد في العالم أقفلت)، أكثر من حزنه لكون المدارس والجامعات أيضا أقفلت؛ رغم أن الله موجود في كل مكان ورغم أنك تستطيع أن تصلي وتتعبد الله في كل مكان توجد فيه شرقا أو غربا، في بيتك أو في مسجد أو كنيسة...
بعضنا الآخر يساهم بشكل مرضي في نشر معظم روايات نظرية المؤامرة، التي لم يكتشفها كل صحافيي العالم الحر الديمقراطي ولا الباحثون ولا العلماء ولا المحققون... وحده صديقنا الذي شحن هاتفه ببضع دريهمات من النت والذي نادرا جدا ما يقرأ كتابا أو مقالا رصينا على منبر إعلامي جاد؛ وحده أدرك أبعاد المؤامرة الخطيرة ووحده سيفضحها للعالم.
نحن، بكل الألم الممكن، شعوب لم تتطور فيها العلوم والأبحاث الرصينة، إلا على شكل حالات فردية متفرقة. نفتخر بين الفينة والأخرى بعالم بلجيكي أو أميركي أو هولندي من أصول مغربية أو مصرية أو عراقية أو سورية... وننسى أنه، حتى وإن كان (كما هو الحال مع العالم الأميركي من أصل مغربي، منصف السلاوي(، قد درس لسنوات عديدة في المغرب (منصف السلاوي حصل على الباكالوريا في المغرب)، فإن نجاحه ومساره العلمي قد تحقق بفضل هجرته لبلد يحترم العلم والعلماء ويضع أمامهم إمكانيات تطويره. من حقنا طبعا أن نفتخر بمسارات أشخاص مثل منصف السلاوي ونفتخر بانتمائنا معه لنفس المرجعية الثقافية ونفس البلد. لكن هذا لا يجب أن ينسينا بأن التطور الحقيقي سيتحقق حين تتوفر لدينا مراكز بحث قادرة على احتواء مثل هذه الكفاءات.
ليس عيبا أن يشتغل الإنسان على أمور دينه، لكن العيب والخطر بعينه أن نركز على الدعاء أكثر من تركيزنا على تطوير البحث العلمي. العيب أن نخصص لمراقبة تفاصيل اختيارات الآخرين ومحاسبتهم على أمور لا يفترض أن تعنيننا أو تمسنا، أكثر مما نخصص من الوقت للبحث والعلم.
والأكثر خطرا... ألا تفهم الدول والحكومات أن العلم وحده قادر أن ينقذنا اليوم. لا الصراخ ولا الدعاء ولا الصلاة ولا النفاق ولا القوانين التيوقراطية ولا التدخل في حياة الآخرين ولا محاصرة الحريات السياسية والفردية... قادرة أن تخرجنا من مآسينا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وحده العلم ووحدها قيم المواطنة ووحدها التربية التي تطور ملكات النقد ومستوى الوعي، تصنع مجتمعا قادرا على التطور، على مقاومة الأخطار الممكنة... على العيش وليس فقط على استهلاك الحياة!
الحرة