علمت «الحياة» أن السلطات المصرية اتهمت قيادات في «الجماعة الإسلامية» بالسعي إلى إحياء نشاط الجماعة المُسلّح، والتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية تستهدف قوات الأمن.
واتهمت السلطات الأمنية 18 شخصاً بينهم 3 من قيادات الجماعة في محافظة المنوفية في الدلتا و11 عضواً في الجماعة و4 من أصحاب السوابق الجنائية بـ «إنشاء تنظيم سري يتخذ من أفكار تنظيم الجماعة الإسلامية الذي يبرر أعمال العنف والإرهاب، أيديولوجية له». وأوضحت أن التنظيم يتزعمه قيادي في «الجماعة الإسلامية» في المنوفية يُدعى إبراهيم علي السيد (فار)، وهو محامٍ. وموقوف على ذمة القضية 6 متهمين والباقون فارون.
وذكرت تحريات قطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية عن القضية أن الخلية التي تم تفكيكها من خلايا «الجماعة الإسلامية»، وتم إنشاؤها كـ «تنظيم سري إرهابي» بـ «تكليف من القيادي في الجماعة الإسلامية إبراهيم علي، وهي نوع من تفعيل نشاط الجماعة السابق منذ السبعينات». وأوضحت أن «الغرض من تأسيس تلك الخلية هو العمل على إحياء نشاط «الجماعة الإسلامية» المُسلح، وارتكاب أعمال عنف وأعمال إرهابية ضد النظام»، مشيرة إلى أن شعار التنظيم الجديد هو شعار «الجماعة الإسلامية» نفسه، وهو وجود سيف في منتصف كتاب «المصحف» أعلاه عبارة «أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه» وأسفله اسم «الجماعة الإسلامية».
وأشارت التحريات الأمنية إلى أن «الجماعة انتهجت في السبعينات أفكاراً جهادية وتكفيرية وقت تأسيسها، ومن قادتها ناجح إبراهيم إلا أنه بعد المراجعات عدل عن تلك الأفكار الهدامة وانتهج فكراً وسطياً، غير أن بعض العناصر استمر على تلك الأفكار الجهادية، ومنهم عمر عبدالرحمن (أمير الجماعة الذي تُوفيّ في سجنه في أميركا ودفن في مسقط رأسه في مصر قبل أيام) وكرم زهدي وعاصم عبدالماجد وعصام دربالة وطارق الزمر وعبود الزمر وغيرهم».
وقادت «الجماعة الإسلامية» موجة من العنف والإرهاب ضرب مصر في الثمانينات والتسعينات، راح ضحيتها الرئيس السابق محمد أنور السادات ومئات من السياح وأفراد شرطة ومدنيين، وظل الجيش بمنأى عن تلك الهجمات. وفي منتصف التسعينات من القرن الماضي، أعلن قادة «الجماعة الإسلامية» في السجون مبادرة من جانب واحد لوقف العنف وتسليم سلاح الجناح العسكري للجماعة، وأقروا مراجعات فقهية لنبذ العنف، أثمرت عن وقف الهجمات الإرهابية والتخفيف على الموقوفين من الجماعة في السجون، الذين تم إطلاقهم تباعاً بعد تأكد أجهزة الأمن من تراجعهم عن العنف. وبعد ثورة 25 كانون الثاني (يناير) من العام 2011، أُطلق بقية قادة الجماعة الذين رفضوا «مبادرة وقف العنف» من السجون، وهؤلاء دعوا إلى ترك العنف بعدما رأوا أن الطريق بات ممهداً لتطبيق الشريعة الإسلامية من دون عنف. وبعد إقصاء جماعة «الإخوان المسلمين» عن الحكم، تم توقيف أعضاء في الجماعة، ولكن على ذمة اتهامات بالتظاهر المصحوب بالعنف، وكلها كانت قضايا ضد جماعة «الإخوان المسلمين» بالأساس.
وهذه القضية الجديدة هي الوحيدة التي تم فيها توجيه اتهامات بـ «السعي إلى إحياء نشاط الجماعة الإسلامية المحظورة». وأفادت تحريات قطاع الأمن الوطني أن المتهمين من مركز قويسنا في محافظة المنوفية وهم «انضموا إلى «تنظيم الجماعة الإسلامية» التي أُسست على خلاف أحكام القانون وكان الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة المكفولة بالدستور والقانون والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهم بأغراض تلك الجماعة، وما تصبو إليه من أهداف وكان الإرهاب إحدى وسائلها لتنفيذ أغراضها». وأضافت التحريات أن المتهمين «حازوا وأحرزوا محررات ومطبوعات وتسجيلات تتضمن ترويجاً لأغراض تنظيم الجماعة الإسلامية».
وأفادت التحريات بـ «استمرار قناعة القيادي في الجماعة الإسلامية إبراهيم علي السيد إبراهيم (محام - فار) من مركز قويسنا في المنوفية، بالعديد من الأفكار الجهادية والتكفيرية المتمثلة في تكفير الحاكم ووجوب الخروح عليه، وتكفير العاملين بالقوات المسلحة والشرطة، وتكفير المسيحيين، ووجوب المشاركة في حقول الجهاد في الداخل والخارح». وأكدت التحريات أن «هذا القيادي عاود الارتباط ببعض قيادات الجماعة الإسلامية التي على قناعة بالأفكار والمفاهيم الجهادية والتفكيرية ذاتها، عرف منهم كل من جهاد مصطفى شاهين (تاجر فار) وعباس عبدالعزيز مناع (موقوف) واتفاقهم على إنشاء تنظيم سري، يتخذ من أفكار تنظيم الجماعة الإسلامية التي تبرر أعمال العنف والإرهاب أيديولوجية له، بهدف تنفيذ جملة من العمليات الإرهابية المتصلة ضد ضباط أفراد القوات المسلحة والداخلية والمنشآت العسكرية والشرطية المهمة، والأكمنة والتمركزات الأمنية الثابتة والمتحركة لترويع المواطنين وتعطيل العمل بالدستور وزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد وإشاعة الفوضى وتقويض الاقتصاد بهدف إسقاط الدولة المصرية».
وأكدت المعلومات الأمنية «تحرك القادة الثلاثة بالدعوة لمصلحة تلك الأفكار والمعتقدات في أوساط مخالطيهم وتمكنهم من استقطاب العديد من العناصر لمصلحة توجهاتهم وتكوين تنظيم إرهابي يتولى إمارته القيادي إبراهيم علي السيد وضم عناصر عرف منها 15 شخصاً (5 موقوفين والباقون فارون)».
وأفيد بأن «قائد التنظيم استقطب عناصر جنائية (4 أفراد) لمصلحة مخططه العدائي ومساعدته في الحصول على أسلحة وذخيرة ودفعهم لارتكاب أعمال إرهابية ضد ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة مستغلاً عداءهم لهم بحكم سلوكهم الإجرامي، وربطهم تنظيمياً بعناصر تلك الخلية». وقالت مذكرة التحريات إن «تلك العناصر أخفت بمحال إقامتهم كميات من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة لتنفيذ مخططهم العدائي».
وذكرت التحريات الأمنية أن «قائد الخلية إبراهيم علي السيد من قيادات الجماعة الإسلامية في المنوفية وعمله كمحام مكّنه من الحضور والدفاع عن كل المتهمين في القضايا المتهم فيها عناصر الجماعة الإسلامية وغيرها من الجماعات الدينية في أنحاء الجمهورية كافة، وهو تلقى تكليفات من قيادة الجماعة الإسلامية لإنشاء تلك الخلية والتنظيم السري باعتبارها خلية منبثقة من الجماعة الإسلامية تنتهج أفكارها ومخططاتها وتعمل على تنفيذ أغراضها ومخططاتها العدائية نحو إسقاط الدولة». وأشارت إلى أنه بدأ في التخطيط لتشكيل تلك الخلية بعد فض اعتصام «رابعة العدوية» في حي مدينة نصر في 14 آب (أغسطس) من العام 2013.
لكن التحريات الأمنية أكدت أن تلك الخلية لم تُنفذ أي هجمات وأن «عناصرها قاموا بالدعوة إلى أفكار الجماعة، وانتظروا الاستعداد لتنفيذ ما قد يصدر إليهم من تعليمات في هذا الشأن أياً كانت».
وأجرى قطاع الأمن الوطني تحريات استمرت شهوراً بخصوص تلك القضية، والموقوفون على ذمتها تم القبض عليهم منذ نحو عام، وأحيلوا على النيابة التي حققت فيها في سرية تامة، وانتهت إلى إحالة المتهمين الموقوفين على محاكمة جنائية أمام إحدى دوائر الإرهاب في محكمة جنايات شبين الكوم بتهم: «الانضمام إلى تنظيم «الجماعة الإسلامية»، التي أُسست على خلاف القانون بغرض تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة سلطاتها، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهم بأغراض تلك الجماعة، وكان الإرهاب إحدى وسائلها لتنفيذ أغراضها» و «حيازة وإحراز محررات ومطبوعات وتسجيلات تتضمن ترويجاً لأغراض التنظيم» و «حيازة وإحراز سلاح آلي ومسدس وسلاح ناري (خرطوش) وذخائر مما تستعمل في تلك الأسلحة النارية، وأسلحة بيضاء». وأمرت النيابة العامة بتوقيف المتهمين الفارين، فيما نفى المتهمون الموقوفون كل تلك التهم عنهم.
وقلل القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» الدكتور ناجح إبراهيم من القضية. وقال لـ «الحياة»: «لم يحدث أن تراجعت قيادات في الجماعة عن مبادرة وقف العنف. الأعداد التي تفاعلت مع المبادرة تتجاوز 18 ألف شخص، لم يرتكب واحد منهم أعمال عنف، لكن أجواء الصراع السياسي التي تلت عزل مرسي والخطاب التكفيري في اعتصام «رابعة»، وفض الاعتصام بالقوة المفرطة، أدت إلى فرار بعض الناس من الجماعة الإسلامية لأنهم باتوا مطلوبين بسبب مشاركتهم في الاعتصام، وقبض على بعضهم وأعدت هذه القضية، لكن ليس هناك أحد منهم نفّذ أي هجمات، ولا أنشأ جناحاً مسلحاً». وأوضح أن «أفراد الجماعة الإسلامية حموا مؤسسات الدولة إبان الفراغ الأمني. واحد من قيادات الأمن الوطني البارزين قتل بلطجية نجله الضابط في الشرطة في محافظة المنيا، وشباب الجماعة الإسلامية هم من ضبطوا هؤلاء البلطجية وسلموهم إلى الأمن».
عن الحياة اللندنية