مطران عراقى مرشح لجائزة سخاروف - Articles
Latest Articles

مطران عراقى مرشح لجائزة سخاروف

مطران عراقى مرشح لجائزة سخاروف

بعد نحو ست سنوات على حمايته مئات المخطوطات التاريخية من تنظيم داعش، رُشِّحَ رئيس أساقفة الكلدان في الموصل نجيب ميخائيل لنيل جائزة سخاروف المرموقة.

يمنح البرلمان الأوروبي الجائزة لأولئك الذين يكرسون أنفسهم للدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الفكر.

عمل ميخائيل، وهو من رهبنة الدومنيكان، منذ عام 1990 على الحفاظ على المخطوطات والوثائق التاريخية في منطقة الموصل.

في البيان المتصل بالترشيحات، لفت البرلمان الأوروبي إلى أن المطران العراقي سهّل "إجلاء المسيحيين السريان والكلدان نحو كردستان العراق، وأنقذ أكثر من 800 مخطوطة تاريخيّة تعود إلى الفترة الممتدّة بين القرن الثالث عشر والتاسع عشر. هذه المخطوطات جرى لاحقاً ترقيمها وعرضها بمعارض في فرنسا وإيطاليا"، مع إشارة إلى أن ميخائيل ساهم، منذ عام 1990، في الحفاظ على أكثر من 8000 كتاب و35 ألف وثيقة خاصّة بكنيسة الشرق".

"تراثنا هو جذورنا"

في حديث لوكالة الأنباء الكاثوليكية (CNA)، أوضح المطران ميخائيل أنه لم يغامر بـ"حفظ هذا التاريخ لأنني مسيحي فحسب. أنقذته لأنني إنسان وكل ما هو بشري يهمني، مثل حياة البشر. والإنسان يصبح أكثر قيمة عندما تكون له جذور".

ولد ميخائيل في الموصل عام 1955، وأخذ نذوراً بسيطة مع النظام الدومينيكي عام 1981، ورُسم كاهناً عام 1987. وفي العام التالي، أصبح أمين محفوظات الدير الدومينيكي في الموصل، حتى عام 1990 حين أسس مركز رقمنة المخطوطات الشرقية. عام 2018، عُيّن رئيس أساقفة الكلدان في الموصل، وكُرّس أسقفاً في كانون الثاني/ يناير عام 2019.

وقد رأى أن ترشيحه لجائزة سخاروف "توقيع على كلّ صفحة من صفحات المخطوطات، بالإضافة إلى تذكير للضحايا الأبرياء (...) وتشجيع لجميع العراقيّين الذين يعانون، لكنّهم يودّون متابعة العيش".

ولم ينسَ التذكير بمجموعة من الشباب ساعدته في عملية إنقاذ الناس والمخطوطات، مضيفاً "لزم الأمر الكثير من الأيدي والأرجل. في تلك اللحظات، طلبت من الله أن يكون لديّ 10 أيدٍ و10 أرجل لإنقاذ الناس والكتب، فأجابني بأن أرسل لي عوناً عبر العديد من الشباب الذين ساعدوني في هذه المهمّة… وحيال المأساة المشتركة، رأوا جميعاً جواباً مشتركاً، بمن فيهم المسلمون الذين أنجزوا عملاً مذهلاً لمساعدة العائلات المسيحية وإنقاذ إرثها الثقافيّ".

وذكّر المطران بأن العراقيّين "بحاجة إلى سلام حقيقيّ اليوم أكثر من قبل، لمتابعة العيش كمجتمع يتأسّس على مبدأ المواطنة، مع تخطّي الحدود التي يُشكّلها العِرق والدين والإثنيّة… هذا هو الحلّ الوحيد الممكن للمستقبل".

وشدد على أن "كرامة الإنسان يجب أن ترافقها قيمة الثقافة والتعليم في المدارس والكنائس والمساجد حيث يجب مواجهة الحقد بجميع الوسائل وتشجيع الخطاب الإيجابي الخاصّ بالسلام والأخوّة. ويبقى التعليم هو السلاح الأفضل لمواجهة الظلاميّة وشرّ زمننا".

عمل خطير 

وسبق أن أوضح ميخائيل أنه والذين يعاونونه يقومون "أولاً، بحفظها (المخطوطات). ثم نأتي بها إلى بر الأمان ونجلبها على حساب حياتنا بالطبع. ونتولّى أيضاً نسخها إلكترونياً وترقيمها".

ومنذ عام 2007، كان رئيس الأساقفة ورفاقه ينقلون المخطوطات ويحمونها من التدمير المحتمل على أيدي المتطرفين الإسلاميين. إلى الآن، تمكنت المجموعة من الحفاظ على أكثر من 8000 مخطوطة غير منشورة سابقاً تعود إلى ما بين القرنين العاشر والتاسع عشر رقمياً.

وعن ذلك قال: "ولدت الثقافة والحضارة هنا واليوم هي حمام دم والدمار شبه كامل وشامل، لكن حتى مع كل هذا فإننا نحتفظ بالأمل في مستقبل أفضل".

ويجرى حفظ العديد من المخطوطات في مكتبة دير الدومينيكان في الموصل منذ عام 1750، مع نقلها تدريجياً من الدير ابتداء من عام 2007 وسط تصاعد أعمال العنف ضد المسيحيين والأقليات الأخرى من قبل الجماعات المتطرفة.

مع تزايد وتيرة أعمال العنف التي شملت قتل قساوسة، بدأ الدومينيكانيون في الانتقال من كنيستهم حفاظاً على أرواحهم. استمروا في قول القداس والأسرار المقدسة، لكنهم كانوا يعيشون فعلياً على بعد أكثر من 18 ميلاً في بغديدة (محافظة نينوى شمال العراق).

بيّن ميخائيل أنهم "حتى لا يلفتوا الانتباه إلى أنفسهم، كانوا يرتدون ملابس مدنية ويأتون ويذهبون بتكتم للاحتفال بالقداس في الكهوف، كما فعل المسيحيون الأوائل في سراديب الموتى في بداية العصر المسيحي".

خلال السنوات التالية، بدأت عملية إخراج المخطوطات تدريجياً من الدير في الموصل. فر المسيحيون من المدينة حين وصلها داعش عام 2014، إذ هددهم بالقتل إذا لم يتحولوا إلى الإسلام.

عند نقاط التفتيش على الطرق، التي سيطر داعش عليها أيضاً، اضطر المسيحيون إلى المغادرة بالملابس التي كانوا يرتدونها فقط. كان نقل المخطوطات مغامرة خطيرة.

اجتاز المطران ميخائيل ورفاقه الحواجز بأمان، وقبل عشرة أيام من غزو داعش لبغديدة، أنقذ المخطوطات مرة أخرى، ونقلها هذه المرة إلى أربيل، حيث مكث ورفاقه.

وفق رئيس الأساقفة، ضمت المخطوطات المحمية أكثر من 25 موضوعاً، بما في ذلك اللاهوت والفلسفة وعلم الفلك والطب والتاريخ والجغرافيا. ويعود العديد منها إلى "القرن العاشر والحادي عشر والثاني عشر وهي مكتوبة باللغة الآرامية".

لكن بينها أيضاً مخطوطات باللغات السريانية والعربية والتركية والأرمينية والعبرية والفارسية وغيرها.

وشدد على أن أهمية الحفاظ على المخطوطات تتخطى وجود سجل للتاريخ وأرشيف للقطع التاريخية، لأنها عنصر حيوي لتعليم الأجيال القادمة أيضاً.

وختم: "في الواقع، تشكل المخطوطات وأرشيفات هذه الوثائق القديمة تاريخنا وهي جذورنا. لا يمكننا إنقاذ شجرة بدون حفظ جذورها. الاثنان معاً يثمران. لذا، كل هذه المحفوظات معاً مهمة. هذا التاريخ هو جزء من أرشيفنا الجماعي وماضينا وتاريخنا. وكان علينا بكل تأكيد إنقاذ المخطوطات، كأطفالنا".

وعلاوةً على ميخائيل، المرشحون الآخرون لنيل جائزة سخاروف هذا العام هم المعارضة الديمقراطية في بيلاروسيا، ونشطاء البيئة في هندوراس، ومجموعة من نشطاء مجتمع الميم في بولندا. وسيُعلن اسم الفائز بالجائزة في 22 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

رصيف 22

Related

Share

Rating

9.00 ( 1 reviews)

Post a Comment

Category
Author
More Options
  • Recent
  • Popular
  • Tag
Tags