حسام أبو طالب:
قبل سنوات، أعلنت داعش عن هروب أمير ديوان الزكاة بالتنظيم أبو عبيده المصري بعدما تمكن من جمع أكثر من مليار ليره من مدينة الميادين شرقي دور الزور بسوريا. لكنها كانت تعلم – كما يعلم هو أيضًا – أنه في حالة القبض عليه لن يستطيع الدواعش قطع يده؛ لأنه ليس علي المختلس حد.
تقول الآية “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما”. ولذلك اخبرنا النبي أن نقطع يد أي سارق حتى لو سرق ربع دينار، وهو ما يساوي اليوم تقريبًا جرامًا من الذهب. لكنه في نفس الوقت نهى عن قطع يد المختلس فقال: “ليس على خائنٍ ولا مُنتَهِبٍ ولا مُختلِسٍ قطعٌ” (أي ليس عليهم حد قطع اليد). رواه الخمسة وصححه الترمذي.
نهي النبي عن قطع يد المختلس للأموال العامة أو من يصدر شيكات بدون رصيد أو من يقوم بعمليات نصب أو من يقترض من البنوك فيهرب بالأموال خارج البلاد؛ وذلك لافتقاد هذه النماذج أهم شرط من شروط إقامة حد السرقة وهو أن يكون المال محفوظًا من المالك في “حرز” أي في بيت أو محل تجاري مثلًا، وأن يؤخذ “خفية” أي عن طريقة التخفي والسرقة.
من سرق من بيت المال فلا حد عليه
حينما سرق رجل “برنسًا من صفة النساء” ثمنه ثلاثة دراهم فقط أمر النبي بقطع يده. ولما أتوا لعلي بن ابي طالب بسارق أمر أيضًا بقطع يده. لكن حين تم القبض على نفس السارق أشفق “علي” عليه من قطع يده الأخرى. لكنه كان يعلم بضرورة تطبيق الحد، فأمر بقطع رجله وقال: “دعوا له رجلًا يمشي بها ويدا يأكل بها ويستنجي بها”.
في نفس الوقت، حينما أخذ الصحابي أبو هريرة من بيت المال وكان واليًا على البحرين. وبخه عمر فقال له: ياعدو الله وعدو كتابه أسرقت مال الله؟! وأمره برد عشرة آلاف دينار كانت بحوزته وعزله عن الولاية. إلا أنه لم يقم عليه حد السرقة.
لذلك فقد اتفق العلماء علي أن السارق من بيت المال يعزر بما يراه الإمام كما فعل عمر ويلزم برد ما أخذه، ولكن لا تقطع يده ؛ لأن السرقة هنا كانت لشبهة “حق السارق” في بيت المال لو كان واليًا عليه. وهو ما ينطبق أيضًا علي سرقتك من شريكك في التجارة أو السكن فالسرقة من مال لك فيه نصيب يرفع عنك حد السرقة.
قل لي ماذا سرقت حتى لا أقطع يدك ؟
وهناك حالات لا يطبق فيها حد السرقة حتي لو توفرت شروط إقامة الحد: أن تكون بالغًا عاقلًا، وبلغت السرقة ربع دينار، وكان المالك يحتفظ بالمسروقات في بيته أو متجره، واعترف السارق بجرمه، ولم يكن اختلاسًا أو نهبًا أو خيانة أمانه،
مثال ذلك أن الحد لا يطبق إذا سرقت محلًا للآلات الموسيقية على سبيل المثال.
فمن شروط المال المسروق أن يكون مالا “محترمًا/ متقومًا” أي من الممكن أن يستفيد به المسلم. لذلك فسرقة الآلات الموسيقية كالعود والمزمار والأفلام والأغاني والكتب المحرمة والصلبان والأصنام ولحم الخنزير لا يجب عليها حد السرقة لأنه لا قيمة لهذه الأشياء للمسلم.
مراجع:
- صحيح مسلم رقم ١٦٨٤
- صحيح البخاري ٦٧٨٩
- الوهم والايهام ٥/٧٩٩ المحدث بن قطان
- سنن الترمذي ١٤٤٨
- صحيح النسائي ٤٩٢٤ / المحدث الالباني
- صحيح أبي داوود ٤٣٨٦ / الالباني
- سنن الدارقطني / كتاب الحدود والديات وغيره / ج ٣ ص ١٠١
- الموسوعة الفقهيه فتوى ١٦٧٨٩
موقع دقائق