صحيفة عبرية: لماذا رفض بابا نويل زيارة لبنان هذا العام؟ - Articles
Latest Articles

صحيفة عبرية: لماذا رفض بابا نويل زيارة لبنان هذا العام؟

صحيفة عبرية: لماذا رفض بابا نويل زيارة لبنان هذا العام؟

نظرة سريعة على موقع “بوكينغ” تلقي الناظر إلى مهاوي خيبة الأمل. مواقع التزلج القريبة من إسرائيل موجودة في لبنان، على بعد ساعة ونصف من بيروت. عشرات الكيلومترات من المسارات، والمطاعم التي قد تشبع من خلال الصور المنتشرة في مواقعها، ومحلات تأجير أدوات التزلج، والأسعار… هذا عالم مختلف. من يبحث عن فندق لنهاية الأسبوع، من 31 كانون الأول وحتى رأس السنة الميلادية، سيشاهد عناوين مؤدبة: “لن تعثر على فندق في هذه الأثناء”.

لم تبق أي غرف في الفنادق الفاخرة بموقع الاستجمام المعروف في كفر دبوان، فندق “انتركونتننتال مازار” مليء طوال نيسان. فنادق أخرى تطلب 2500 – 6000 شيكل لثلاثة أيام للزوج، وهذا يشمل وجبة الفطور. وعلى بعد 18 – 20 كم فقط من الموقع، يمكن إيجاد فنادق بسعر معقول، 500 – 600 شيكل لليلة الواحدة للزوج. ولا تشمل هذه الأسعار أدوات التزلج، وتبلغ أجرة مسار التزلج 30 – 50 دولاراً لثلاثة أيام، و10 دولارات أجرة الأدوات.

في بيروت نفسها، في المقابل، لا توجد صعوبة في العثور على غرفة في الفنادق الفاخرة بسعر مشابه، 120 – 150 دولاراً لليلة الواحدة.

لكن الصورة التي تظهر في موقع التزلج بعيدة عن التعبير عن الواقع. قال مراسل لبناني للصحيفة بأنه يمكن توفير أموال كثيرة إذا اتصلنا مباشرة مع الفنادق وساومناهم على السعر. “حتى في هذا الموسم المشتعل، فإن الجميع يعملون تخفيضاً بـ 30 – 50 في المئة”، قال. “الساذجون فقط هم الذين يحجزون فندقاً عن طريق مواقع الإنترنت. تحاول جميع الفنادق الظهور وكأنها محجوزة بالكامل، ولكنهم مستعدون لحجز الغرفة الأخيرة من أجلك فقط! في هذا الشتاء، كل من يدفع بالدولار يمسي ملكاً. حتى لا تستطيع الحصول على عرض أسعار بالليرة اللبنانية، سيقولون لك إن السعر يتغير بين يوم وآخر، ولا يمكنهم الالتزام بالسعر حتى بين عشية وضحاها”.

وسمعنا تأكيداً على أقواله تلك من أصحاب فنادق ورؤساء وكالات سياحة، الذين قالوا بأن إشغال الفنادق في الأيام المشتعلة بين عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية يصل بصعوبة إلى 35 – 40 في المئة. السياحة من دول الخليج، التي مولت صناعة السياحة من لبنان، تكاد تكون معدومة. ليس بسبب كورونا فحسب؛ بل لأن النزاع السياسي الذي كان قبل شهرين بين السعودية ولبنان وجرّ دول الخليج الأخرى، جمد تيار السياح، كما أن سياح أوروبا يعزفون عن ذلك بسبب كورونا. وسيجتمع اللبنانيون هذه السنة في بيوتهم للاحتفال بميلاد المسيح وزيارة بابا نويل.

“لن يأتي بابا نويل إلى لبنان في هذه السنة”، كتب نادر فوز في موقع “المدون” اللبناني. “بقيت الهدايا على الرفوف. فمن الذي يمكنه أن يشتريها. ولكن إذا قرر بابا نويل القدوم، فستعلق مركبته وسيضيع بسبب انقطاع الكهرباء. ومع ذلك، إذا طرق أحد الأبواب فسيجد أمامه بندقية عبأها صاحب البيت الذي يخاف من السرقة. ما الذي تبحث عنه هنا؟ سيصرخون عليه. وإذا ما زار حياً فقيراً فسيسرقون عربته وسيتصلون به بعد ساعتين، ويعرضون عليه بيعها له مرة أخرى. سيقولون له ادفع 2000 دولار وخذها”.

هذه سخرية فوز غير مضحكة، ليس فقط لمن دمرت حياتهم في الأزمة الاقتصادية الأشد التي مرت على لبنان، بل للموتى الذين لا يجدون الراحة. تتحدث التقارير في لبنان عن عصابات تعمل في بيع القبور وشواهد القبور لعائلات لا تجد حلاً للدفن بأسعار في متناول اليد. سعر القبر في بيروت قد يصل إلى 20 ألف دولار، غير شاملة تغسيل الميت والصلاة قرب القبر وطعام العزاء. تضطر عائلات كثيرة إلى دفن موتاها في قبور عائلية التي يدفن فيها معاً عدد من أبناء العائلة. وبعضهم لا يسمحون لأنفسهم بعمل وضيمة عزاء، ويكتفون بضيافة خفيفة. عصابات تجار القبور يقومون بنوبات مراقبة في المقابر لتحديد القبور التي لم يزرها أحد منذ فترة طويلة. وهم يقومون بمحو الأسماء عن الشواهد، ويخرجون رفات الجثث ويعرضون القبر بسعر أرخص بكثير.

فوق الموتى بدرجة واحدة، ثمة حيوانات أليفة ملقاة في الشارع، لأن أصحابها لم يعودوا قادرين على شراء طعام لها أو تقديم العلاج الطبي المناسب. حتى قبل أزمة كورونا والأزمة الاقتصادية، كانت آلاف الكلاب والقطط تتجول في الشوارع، وحسب أقوال منظمات الرفق بالحيوان، فإنهم عالجوا طلباً أو اثنين في اليوم في الأيام العادية. أما الآن فهناك 15 – 20 نداء هاتفياً في اليوم لأخذ كلاب ملقاة في الشارع. “ولكنها هذه المرة كلاب التسلية، التي دفع أصحابها مبالغ كبيرة لشرائها. فأبناء الطبقة الوسطى وحتى الطبقة العليا الذين تدهوروا اقتصادياً باتوا الآن في ضائقة لا تسمح لهم بمواصلة الاحتفاظ بالحيوان الأليف”، قالت ناشطة في إحدى هذه المنظمات في بيروت.

عندما يكون الحد الأدنى للأجور، بعد الهبوط الحر لليرة اللبنانية، 70 دولاراً، وسعر كيس طعام الكلب 20 دولاراً، فإن التخلي عن الكلب أو عن القط بات ضرورة وجودية. ولكن من سبق واتخذ هذا القرار الصعب لا يستطيع أن يكون هادئاً. حل الشتاء، وسعر والوقود وصل إلى عنان السماء، والكهرباء تتصرف مثل ضيف، والأجور تواصل التبخر.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 28/12/2021

ترجمة القدس العربي

Related

Share

Rating

0 ( 0 reviews)

Post a Comment

Category
Author
More Options
  • Recent
  • Popular
  • Tag
Tags