رائد صالحة:
يعتبر مقتل زعيم القاعدة، أيمن الظواهري، في منزل آمن في العاصمة الأفغانية إنجازاً لمجتمع المخابرات ومكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة ولكنه يرسم، ايضاً، صورة مقلقة لما يحدث في أفغانستان، على حد تعبير الكاتب جافيد أحمد في مقال نشره موقع “ذا هيل” القريب من الكونغرس.
ولاحظ أحمد أن اكتشاف البيوت الآمنة، التي تديرها بعض الجماعات والبلدان، في المدن الأفغانية الرئيسية لم يكن أمراً مفاجئاً، فقد كان الأمر بمثابة “سر مفتوح” تديره الدول المجاورة، بما في ذلك باكستان وإيران والصين، وأشار الباحث إلى أن بعض الشخصيات في الحكومات الأفغانية السابقة كانت تقوم بتأجير الممتلكات الخاصة إلى مجموعات وشخصيات غامضة، بما في ذلك شخصيات من شبكة حقاني وعسكر طيبة وحركة طالبان الباكستانية وتنظيم “الدولة”.
وبحسب ما ورد، فقد كان قرار “القاعدة” وضع زعيمها الأعلى على بعد أميال من القصر الرئاسي أمر يوضح قوة تحالف الجماعة مع حركة طالبان.
وبالنسبة لواشنطن، أصبح تنظيم القاعدة مجرد” منطقة نائية” في جغرافيا المشهد الجهادي، ولكن العديد من الخبراء يعتقدون أن التنظيم لا يزال يلعب دوراً في الديناميكيات الداخلية طالبان، وعلى سبيل المثال، هناك شراكة تجارية بين طالبان والقاعدة في شمال شرق أفغانستان (تهريب الذهب).
وفي الواقع، لم يتضمن الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة أي قطع للعلاقات بين الحركة والجماعات الجهادية، بل عدم السماح للقاعدة أو تنظيم الدولة بالتخطيط والتأمر ضد الولايات المتحدة من البلاد.
وأشار مقال “ذا هيل” إلى أن حركة طالبان وطدت سيطرتها على جميع أنحاء البلاد عبر هندسة هوية إسلامية وإضفاء الشرعية على الحركة كطليعة للقيادة الإسلامية الحقيقية، وفي المقابل، ساهمت هذه العملية بشكل متزايد في إرشاد الحسابات الداخلية للجماعات الجهادية المختلفة لإعادة تقييم وظائفها بشكل خلاق وإعادة تنظيم وتحديد مساحات مهامها الجديدة.
ولاحظ الكاتب أن الجماعات الجهادية في أفغانستان أصبحت قلقة بشكل متزايد بشأن وعد طالبان بالحماية، ولن يؤدي مقتل الظواهري إلا إلى زيادة شكوك هذه الجماعات، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تحالفات بين الجماعات المتباينة، بما في ذلك مجموعات الأوزبك والطاجيك والايغور والباكستانيين وعناصر” القاعدة ” و”الدولة”.
وأضاف أحمد أن حكام طالبان سيعملون على استغلال هذا التحول لابتزاز دول المنطقة بهدف الحصول على الاعتراف أو تطبيع العلاقات، وهذا يعني أن تنظيم القاعدة سيعيد بلا شك تقييم علاقته مع طالبان.
وعلى أي حال، قال الكاتب إن هذه التحولات توفر فرصة لواشنطن لإعادة تقييم سياستها تجاه طالبان وكذلك العديد من الفرص، وأشار إلى ضرورة أن تقوم واشنطن برفع السرية عن الملحق السري الخاص باتفاق الدوحة بين طالبان والحكومة الأمريكية بشأن مكافحة الإرهاب.
واقترح الكاتب إنشاء محطة إقليمية لمراقبة مكافحة الإرهاب في المنطقة وإعادة تعريف استراتيجية الولايات المتحدة الإقليمية لمكافحة الإرهاب وتوضيح قواعد الاشتباك الأمريكية الجديدة.
وأشار، ايضاً، إلى أنه يمكن للولايات المتحدة إضفاء صفة اللامركزية على عملياتها في أفغانستان واستخدام فرق دعم أفغانية شبه عسكرية، وتوسيع قائمة الحزمة المستهدفة لتشمل العناصر التي تقوم بدور تمكيني للمشروع الجهادي.
وبالنسبة لواشنطن، يضيف الكاتب، كانت النقطة العمياء في السياسة الأمريكية تجاه طالبان هي المشاركة الضئيلة مع رجال الدين الأقوياء في طالبان، لا سيما في قندهار، لذلك هناك حاجة ملموسة لدبلوماسية دينية ملحة تشارك رجال الدين بشكل خلاق ومباشر كما يمكن التفكير في بناء ثقل مؤسسي موازن داخل صفوف حكم طالبان لتشكيل الخيارات.