أظهر استطلاع رأي لمركز "كمان" الإيراني، وهو مؤسسة بحثية غير ربحية ومستقلة مقرها هولندا، ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الإيرانيين الذين يعارضون نظام الجمهورية الإسلامية ويؤيدون الإطاحة به مقارنةً بالعام الماضي، علاوة على دعم النسبة الغالبة منهم لنظام "رئاسي جمهوري" بديلاً للنظام الحالي.
هدف الاستطلاع الذي أجراه عمار ملكي، الأستاذ المساعد في السياسة المقارنة بجامعة تيلبورغ في هولندا ومؤسس ورئيس "كمان"، إلى بحث "مواقف الإيرانيين تجاه الاحتجاجات الشعبية لعام 2022" في الفترة من 21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى 31 منه. علماً أن عدد المشاركين بلغ 200 ألف، أكثر من 157 ألفاً منهم داخل إيران، ونحو 42 ألفاً كانوا خارجها.
برغم تأكيده على أن نسبة مصداقية نتائجه تناهز الـ95%، يوضح "كمان" أن نتائج المسح استهدفت على نحو خاص "البالغين الإيرانيين المتعلمين الذين تزيد أعمارهم عن 19 عاماً" أي ما يعادل 90% من إجمالي السكان البالغين تقريباً، مضيفاً أنه "لا يمكن القول إن نتائج هذا الاستطلاع تمثل جميع الإيرانيين في الشتات".
واستدرك: "مع ذلك، بالنظر إلى حجم العينة الكبير، والتوزيع المتوازن للعينة، ومشاركة مستجيبين من 130 دولة، يمكن اعتبار أن النتائج تمثّل آراء جزء كبير من الإيرانيين خارج البلاد".
"ضد نظام الجمهورية الإسلامية"
أبرز سؤال في هذا الاستطلاع كان: "مع أو ضد نظام الجمهورية الإسلامية؟". من داخل إيران، أجاب 81% بـ"ضد"، و15% بـ"نعم"، و4% غير حاسمين. من المستجيبين في الخارج، كان 99% ضد نظام الجمهورية الإسلامية.
في سؤال إضافي لمن أظهروا معارضة لنظام الجمهورية الإسلامية أو قالوا "لا أعرف"، طُلب منهم توضيح نوع النظام الديمقراطي والعلماني البديل المفضل لديهم. كان 28% داخل إيران و32% خارج إيران يفضلون "جمهورية رئاسية"، مقابل تفضيل 12% داخل إيران و29% خارج إيران لـ"نظام جمهوري برلماني"، وتفضيل 22% داخل إيران و25% خارج إيران لـ"ملكية دستورية".
مستمرون في كسر الصمت الذي ورثه بعضنا من الآباء حتى ظنّ أن للحيطان آذاناً بالفعل... نحن في حاجةٍ إلى مساعدتكم. شاركونا في أن نكون النسخ التي نسعى أن نكونها ضمن مجتمعاتنا العربية. شاركونا بما يدور في رؤوسكم حالياً. غيّروا، ولا تتأقلموا.
في شأن التخلّص من نظام الجمهورية الإسلامية، قال 60% من المستجيبين داخل إيران إنهم يدعمون زوال النظام كليّةً كشرط مسبق لأي تغيير جاد. في الأثناء، أيّد 16% تحول هيكلي وانتقال من نظام الجمهورية الإسلامية، ودافع 11% عن الاحتفاظ بمبادئ الثورة الإسلامية ومنصب المرشد الأعلى.
وتحدث 6% عن إصلاحات تدريجية لكن في إطار الجمهورية الإسلامية. ورفض 6% كل هذه التوجهات السياسية. بالمقارنة مع استطلاع "كمان" السابق، بعد احتجاجات عام 2022، تعني هذه النتائج ارتفاع نسبة مؤيدي تغيير النظام بنسبة 20%.
وفي ما يتعلق بالاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد في الأشهر الماضية، أظهر 80% من المستجيبين من داخل إيران تأييداً لها، في حين قال 67% إنهم يعتقدون أن الاحتجاجات ستنجح (14% منهم كانوا يعتقدون أنها لن تنجح). عارض 15% من المستجيبين من داخل البلاد فقط الاحتجاجات.
بالنسبة للمستطلعين من خارج البلاد، فقد أيدوا بأغلبية ساحقة الاحتجاجات التي قال 90% إنهم يعتقدون أنها ستؤتي ثمارها، مقابل 9% فقط كانوا متخوفين من فشلها.
ولدى سؤالهم عن أشكال الاحتجاج المختلفة، قال 22% من الموجودين داخل البلاد إنهم شاركوا في التظاهرات بالشوارع، وصرح 53% آخرين بأنهم قد يشاركون في مزيد من الاحتجاجات مستقبلاً. وبينما قال 22% إنهم شاركوا في الهتافات الليلية الداعمة للاحتجاجات، قال 46% إنهم قد يفعلون ذلك مستقبلاً.
35% من المستجيبين داخل إيران قالوا أيضاً إنهم شاركوا في مظاهر عصيان مدني مثل نزع الحجاب أو كتابة الشعارات المعادية للنظام، بينما قال 35% إنهم قد يفعلون ذلك في المستقبل. وأكد 44% انضمامهم لإضرابات، بينما قال 38% إنهم قد يفعلون لاحقاً.
ووافق 75% على مقاطعة وعدم شراء بعض المنتجات. وشارك 66% في دعم الاحتجاجات عبر الإنترنت. وأقر نحو 8% من المستجيبين بارتكابهم عدة أعمال "تخريب مدني"، وهو ما قال 41% إنهم قد يفعلونه مستقبلاً.
"ائتلاف معارضة"
في الأثناء، قال 85% من المستطلعة آراؤهم داخل البلاد المؤيدين للاحتجاجات إنهم يدعمون تشكيل "ائتلاف معارضة" يضم ناشطين بارزين من مختلف التوجهات السياسية. ورفض 4% من المستجيبين من داخل البلاد المؤيدين للاحتجاجات الفكرة تماماً، معتبرين أن هذا التحالف "غير ضروري".
حتّى المؤيدون للطرح من داخل البلاد اختلفوا في كيفية تشكيله إذ قال 42% إنه يجب أن يضم ناشطين بارزين من داخل البلاد وخارجها، مقابل 34% فضّلوا أن يتشكل من أفراد من خارج البلاد يحظون بتأييد الناشطين في الداخل. و9% عبّروا عن اعتقادهم بأن مثل هذا المجلس يجب أن يتألف حصراً من الناشطين الذين يعيشون في البلاد.
أمّا المستجيبون للاستطلاع من خارج إيران، فوافق 47% منهم على فكرة تشكيل تحالف معارضة إذا كان مدعوماً من قبل ناشطين داخل البلاد، فيما قال 45% إن مثل هذا المجلس يجب أن يتكون من ناشطين من داخل البلاد وخارجها.
بالنسبة لدور ائتلاف المعارضة هذا، توقّع 59% من المستجيبين داخل البلاد أن يقوم هذا المجلس مستقبلاً بتشكيل مجلس انتقالي وحكومة مؤقتة، و53% رأوا أنه سيكون ممثلاً للمتظاهرين الإيرانيين في العالم ويمكنه التفاوض مع حكومات أجنبية، و45% اعتقدوا أنه سينظم الاحتجاجات داخل البلاد، و35% رأوا أن عليه تنسيق وتنظيم فعاليات احتجاجية في الخارج.
ومن بين أسماء الناشطين البارزين الذين حظوا بدعم المستجيبين لضم أسمائهم إلى ائتلاف المعارضة المقترح: فنان الهيب هوب الذي اشتهر بأغانيه الداعمة للاحتجاجات توماج صالحي، والصحافية والناشطة نرجس محمدي، ورجل الدين السني الإصلاحي عبد الحميد إسماعيل زاهي، والممثلة والمغنية كلشيفته فراهاني، وممثل عن الأحزاب الكردية لم يحدد اسمه، والمحامية والحقوقية شيرين عبادي.
الموقف من الغرب
في حين أن نظام الجمهورية الإسلامية يعمل باستمرار على "شيطنة الغرب الكافر" واستخدام التعاون معه ذريعةً وتهمةّ لتخوين معارضيه، أعرب 73% من المستجيبين داخل إيران عن اعتقادهم بأنه على الدول الغربية الدفاع عن حقوق المتظاهرين الإيرانيين بالضغط الجاد على الحكومة الإيرانية. أيّد 96% من الإيرانيين خارج البلاد هذا الرأي.
في موازاة ذلك، قال نحو 19% من المستطلعة آراؤهم داخل البلاد إن القوى الغربية يجب ألا تتدخل على اعتبار أن الاحتجاجات "شأن داخلي".
واتفق 70% من المشاركين من داخل إيران مع الحكومات الغربية في عقوباتها على النظام الحالي بما في ذلك تصنيف الحرس الثوري الإسلامي منظمةً إرهابيةً، وطرد سفراء الجمهورية الإسلامية، والسماح بالتدخل الأجنبي الدولي لحماية المتظاهرين، ومعاقبة المسؤولين الذين لعبوا دوراً في قمع الاحتجاجات، ومصادرة أموال إيران وأصولها لمنع وصول الحكومة إليها واستفادتها منها.
علاوة على ذلك، عبّر 66% عن اعتقادهم بأنه يجب على الحكومات الغربية دعم القادة المدنيين والتعامل مع نشطاء وجماعات المعارضة. حتّى أن 62% وافقوا على إنهاء المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، مقابل معارضة 6% فقط.
وفي سيناريو تخيّلي في حال سقوط نظام الجمهورية الإسلامية، دعم 16% من المستجيبين داخل البلاد "الإعدامات الثورية" للمسؤولين المسؤولين عن عمليات قتل المتظاهرين، مقابل موافقة 29% منهم بإعدامهم بحكم محكمة شريطة حصولهم على محاكمات عادلة، ودعم 24% معاقبة هؤلاء المسؤولين بعقوبات أخرى غير الإعدام.
وبينما دعم 3% فقط خيار "التسامح والعفو العام" عن هؤلاء المسؤولين المتورطين في قتل المتظاهرين، قال 27% إن أمر معاقبتهم ينبغي أن يُترك للمختصين القانونيين. بالنسبة للمستجيبين من خارج إيران، وافق 8% على الإعدامات الثورية، و25% على الإعدام بحكم محكمة بعد محاكمة عادلة، وعارض 48% عقوبة الإعدام بشكل قاطع.
وبرغم أن غالبية المستجيبين في إيران أظهروا عدم ثقتهم في مؤسسات النظام الحالي، كان الجيش أكثر حظوةً بثقتهم من المؤسسات الرسمية الأخرى بنسبة 29%، ثم البنوك بنسبة 24%.
تعقيباً على هذه النتائج التي تقع في 36 صفحة، قال كريم سجادبور، محلل السياسات الأمريكي من أصل إيراني والمتخصص في شؤون إيران بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، عبر حسابه في تويتر: "البيانات الموثوق بها عن الرأي العام الإيراني تكاد تكون نادرة. أظهر استطلاع جديد أن قاعدة دعم النظام هي الآن 15% فقط من المجتمع في حين أن أكثر من 80% يعارضون ‘الجمهورية الإسلامية‘"، واصفاً نتائج الاستطلاع بأنها "ثريّة للغاية".
في حين غرّدت الممثلة الإيرانية البريطانية نازانين بنيادي: "سألني العديد من المشرعين الغربيين عن مدى انتشار المشاعر المعادية للنظام في إيران. ها هي الإجابة. يعتبر مسح عمار ملكي عبر مركز كمان أكثر استطلاعات الرأي مصداقية في ظل القيود التي تفرضها حكومة الجمهورية الإسلامية".
رصيف 22