فاتيكان نيوز :
قام وفد من مجلس كل أوكرانيا للكنائس والمنظمات الدينية بزيارة إلى روما والفاتيكان خلال الأيام الماضية بلغت ذروتها بلقاء جمع الوفد الزائر بالبابا فرنسيس يوم الأربعاء الماضي. وتخللت الزيارة جولة قام بها الوفد في مستشفى الطفل يسوع بروما والذي عالج حوالي ألفي طفل أوكراني منذ بداية الحرب، في وقت صرح فيه المطران فياتوسلاف شيفشوك بأن الوضع في بلاده يزداد خطورة، لافتا إلى الدمار الذي تعرضت له البنى التحتية وإلى انقطاع التيار الكهربائي، ما أغرق الأوكرانيين في العتمة.
اختُتمت زيارة الوفد الديني الأوكراني في مؤتمر صحفي عُقد في مقر إذاعة الفاتيكان، شارك فيه رئيس أساقفة كييف للروم الكاثوليك المطران شيفشوك الذي قال إن القادة الدينيين في أوكرانيا مدعوون إلى تربية الناس على السلام، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن السلام لا يتحقق بغياب الحقيقة والعدالة. وقال: علينا أن نضمد الكثير من الجراح ونشفي الكثير من القلوب. وأضاف سيادته أن أعضاء الوفد جاؤوا ليعكسوا صورة المجتمع الأوكراني، لافتا إلى أن أوكرانيا بلد متعدد الأعراق والديانات. وأضاف أنه لا يعلم متى ستنتهي الحرب وأن الوضع يزداد خطورة، مؤكدا أن العاصمة كييف تعرضت لأكثر من عشرين صاروخاً روسيا يوم الخميس وحده وأن البنى التحتية دُمرت وأن السكان يعيشون في العتمة.
تابع سيادته حديثه للصحفيين قائلا إن الحرب تشكل دائما هزيمة للبشرية وهي دائماً أمر رهيب، لكنه شدد على أن الأوكرانيين مجبرون على الدفاع عن أنفسهم، مع أن الرد ينبغي أن يتلاءم مع حجم العدوان. بعدها قال رئيس الأساقفة شيفشوك إنه ليس خبيراً عسكرياً ولا يمكنه بالتالي أن يعلّق على مسألة إرسال الدبابات الأمريكية والألمانية الصنع إلى أوكرانيا، لكنه في الوقت نفسه تساءل كيف يمكن للأوكرانيين أن يتصدوا للدبابات الروسية بدون أسلحة. وذكّر بالكلمات التي قالها أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين عندما دعا للتوصل إلى سلام عادل في أوكرانيا والذي يتطلب انسحاب القوات الروسية لغاية الحدود المعترف بها دولياً والعمل على إعادة بناء ما دمرته الحرب.
من بين المشاركين في المؤتمر الصحفي رئيس أساقفة لفيف المطران ميزيسلاف موريزكي الذي عبر عن امتنانه الكبير لكل ما يفعله البابا فرنسيس والكرسي الرسولي من أجل أوكرانيا، وذكّر بالصلاة التي تلاها البابا بتأثر كبير، يوم عيد سيدة الحبل بلا دنس في الثامن من كانون الأول ديسمبر الماضي في ساحة إسبانيا بروما. وأكد أن المبادرات التي قام بها الحبر الأعظم ساهمت في تخطي سوء الفهم الذي حصل في الماضي.
الوفد الديني الأوكراني زار صباح الخميس مستشفى الطفل يسوع بروما، ومن بين الزائرين المطران مرقس، أسقف أوكرانيا للكنيسة الرسولية الأرمنية وفاليري أنونيوك رئيس الكنائس المسيحية الإنجيلية المعمدانية، مع العلم أن المستشفى المذكور والمتخصص بطب الأطفال، قدم العلاج – منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية – لألف وتسعمائة وثمانية وثلاثين طفلا أوكرانيا، من مصابي الحرب والمرضى. وهذا العدد يستثني الأطفال الذين ساعدهم المستشفى على الحدود الأوكرانية.
رئيس أساقفة لفيف وجه كلمة للقيمين على هذا المرفق الصحي قائلا إنهم فتحوا أبوب المستشفى أمام الأطفال الأوكرانيين وهذا الأمر ساهم في فتح قلوب جميع المواطنين، لأنه أنقذ حياة الأطفال وعائلاتهم أيضا. أما المطران شيفشوك فأكد أن آلام الصغار وجراحهم تشكل شهادة تحاكي ضمائر العالم كله. من جانبها خاطبت رئيسة المستشفى السيدة مارييلا إينوك الوفد الزائر وقالت إننا جميعاً متحدون برسالة المحبة هذه، مضيفة أن الأطفال هم الضحية ويحق لهم أن يقولوا لا للحرب.
في سياق متصل أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الكاردينال كونراد كرايفسكي، المسؤول عن مكتب الكرسي الرسولي المعني بأعمال المحبة لصالح الفقراء باسم الحبر الأعظم، الذي عاد للتو من زيارة
جديدة لأوكرانيا حيث حمل دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية ولفت إلى أنه خلال سنة تقريبا من الصراع المسلح تم جمع مساعدات بقيمة مليوني يورو. وقال نيافته إنه ممتن لجميع الأشخاص الذين مدوا يد المساعدة للأوكرانيين موضحا أنه يحق لهؤلاء أن يعرفوا كيف أُنفقت الأموال التي تبرعوا بها.
هذا ثم أكد كرايفسكي أنه سيتم تسليم أربعة وستين من مولدات الكهرباء، مشيرا إلى أن هذه المولدات تكتسب أهمية كبرى إذ تساعد الناس على الاستمرار وسط انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر وسائل التدفئة. ختم نيافته قائلا إن مكتب الكرسي الرسولي المعني بأعمال المحبة لصالح الفقراء باسم الحبر الأعظم قام بتخصيص سبعة ملايين وستمائة ألف يورو لدعم الأسر المحتاجة، هذا بالإضافة إلى الدعم المعنوي والروحي الذي يقدمه رعاة الكنيسة.