دبي - قناة العربية
كثير من المصريين لا يعرفون هذه السيدة_المصرية التي دفنت في أوروبا في القرن الرابع الميلادي.
ويعتبرها كثير من المؤرخين أم_الراهبات في أوروبا، توفيت سنة 344 ميلادية، وبنيت كنيسة فوق قبرها في مدينة تمبورتاخ في سويسرا، ولها 70 كنيسة في سويسرا، و30 كنيسة في #ألمانيا تحمل اسمها.
هي القديسة "فيرينا"Verena ومعنى اسمها بالقبطية "البذرة الطيبة"، وهي من بلدة جراجوس بالقرب من الأقصر وترسم أيقوناتها دائماً بشكل فريد، ففي إحدى يديها جرة ماء وفي الثانية مشط، لأنها هي التي علمت شعوب الجرمان والغاليين وهم "الهمج وقتها" أصول النظافة الشخصية والتداوي بالأعشاب، ونجحت بالحب والتفاني فيما فشلت فيه سيوف الرومان بأن تجتذب الشعوب الجرمانية الوثنية القاسية إلى الحضارة والإيمان بالله.
وترجع بداية قصتها إلى زمن الملك الروماني الوثني دقلديانوس الذي جاء مصر في نهاية القرن الثالث الميلادي فأحسن أهلها استقباله، وأقاموا تكريماً له نصباً شهيراً مازال قائما في مدينة الإسكندرية.
وكان جيش دقلديانوس حينها يخوض حرباً طاحنة في بلاد الغال، وأراد أن يأخذ من أقباط مصر مدداً، فجمع أكثر من 6 آلاف شاب جعلهم في جيشه، وأطلق عليهم اسم "الكتيبة الطيبية"، نسبة إلى مدينة طيبة العاصمة الفرعونية القديمة.
كما أبدى المصريون حينها شجاعة فائقة في قتال أعداء الملك حتى انتصر، فأمر دقلديانوس بأن تقام الاحتفالات، وأن يحرق الجنود البخور لتمثاله فهو الملك المنتصر، ولكن أقباط "الكتيبة الطيبية" رفضوا أن يتعبدوا للملك ويحرقوا البخور له، فهم يؤمنون بإله واحد في السماء، فغضب الملك وأمر بأن تقف الكتيبة صفوفاً ويمر الجلاد بينهم، وبعد كل 9 جنود يجلد العاشر، ثم تقطع رأسه، ولكن الباقين ازدادوا إصراراً على إيمانهم، وظل الملك يكرر الأمر حتى اضطر أن يقتلهم جميعاً في النهاية، لأنه لا يوجد من بينهم قبطي واحد رجع عن إيمانه.
"فيرينا" كانت قبطية عذراء، من الفتيات المصاحبات للكتيبة لإعداد الطعام وعلاج الجرحى، ورغم أنها شاهدت المذبحة التي وقعت لأهلها إلا أنها هربت وبقيت في أرض الغربة، فسكنت أحد الكهوف، وأخذت تعلم أهل بلاد_الغال الوثنيين قواعد النظافة الشخصية والعلاج بالأعشاب الطبية.
كما أنها كانت على معرفة واسعة بأصول الطب_القديم الموروث من أيام الفراعنة، وهو ما أعانها على مساعدة المرضى.
وتقول عنها أدبيات الكنيسة_المصرية: "لقد قابلت الإساءة بالمحبة، والدم بالتضحية، فمنحها الله لمسة شافية، وكانت سبباً في بدء التبشير بالميسيحية بين أهالي المنطقة. لقد انتصر الحب على السيف، ودم الشهداء على صلف الملوك، وما فشلت فيه سيوف القيصر نجحت فيه جرة "فيرينا" ومشطها".