إقصاء النساء من الترشح فى الكويت بقيد الشريعة - Articles
Latest Articles

إقصاء النساء من الترشح فى الكويت بقيد الشريعة

إقصاء النساء من الترشح فى الكويت بقيد الشريعة

انسحب الحضور النسائي من جلسة مجلس الأمة الكويتي التي شهدت تمرير المادة 16 من قانون "المفوضية العامة للانتخابات" بنصّها المعدّل الإشكالي الذي يشترط "الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية لممارسة حق الانتخاب والترشح" بالأغلبية. اعتُبر أن النص يستهدف "إقصاء النساء من المشاركة السياسية" وفرض مزيد من الوصاية عليها "باسم الدين والشريعة".

شهدت الجلسة الخاصة المنعقدة الثلاثاء الموافق الأول من آب/ أغسطس 2023، المداولة الثانية على مشروع قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة والذي سبق أن أقره المجلس في مداولته الأولى في جلسة الخميس 27 تموز/ يوليو 2023. علاوة على عرض الحالة المالية للدولة وأربعة تقارير للجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية.

بحضور 62 نائباً، وموافقة 53 منهم، مرّر المجلس المادة 16 من قانون مفوضية الانتخابات، وهي تنص في الفقرة الثانية منها على "ويشترط لممارسة حق الانتخاب والترشيح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة". رفض تسعة أعضاء فقط هذه الفقرة وطلبوا حذفها وهم: د. جنان بوشهري (النائبة الوحيدة في البرلمان الكويتي الحالي)، وحمد المدلج، ومرزوق الغانم، وسعد العصفور، وداود معرفي، ومهلهل المضف، وعبد الوهاب العيسى، وحمد العليان، ود. بدر الملا.

ورفض المجلس طلباً بالحذف من النائب مرزوق الغانم أساسه أن "الالتزام بالدستور والقانون والشريعة منصوص عليها في الدستور"، وثلاث طلبات بالحذف من النائبة جنان بوشهري التي حذّرت من "خطورة إقحام نص ذو مدلول عام يحمل أكثر من تفسير ومعنى في قانون الانتخاب"، مفسّرة التعديل بأنه "موائمة سياسية" و"عبث سياسي في الشريعة وأحكامها وفتاويها".

علماً إن الهدف الرئيسي من التعديل يتمثّل في إلزام المرأة بما أُطلق عليه "الضوابط الشرعية" - الحجاب واللبس "المحتشم" -  كما جاء في الاقتراح الأوّلي الذي تقدّم به النائب ماجد المطيري وآخرون. قبل أن تقوم اللجنة المشتركة بين لجنة الشؤون الداخلية والدفاع ولجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية بتعديله ليكون شاملاً إلزام الجنسين بـ"الشريعة".

كان ذلك سبباً في وجود دعوات للنساء الكويتيات للانتفاض دفاعاً عن حقوقهن ومكتسباتهن الدستورية ضد من وصفوا بـ"طيور الظلام" قبل الجلسة.

"الديرة كلها مختطفة من الدينيين"

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر العديد من الناشطات والمواطنات الكويتيات عن انزعاجهن من تمرير المادة التي يعتبرن أنها محاولة "إقصاء سياسي للمرأة بغطاء شرعي" بل "سقطة تاريخية" تعزّز "فرض الوصاية على المرأة وتلميعها باسم الدين والشريعة" .

في مقطع مصور، قالت الأستاذة نوال الرشيد: "صار لنا سنين ننتخب إحنا، إشمعنى الحين؟ الناس تتطور ولا ترجع لورا؟ البند اللي طالبينه، هذا فيه تطور ولا فيه تخلف؟ 1000% تخلف. ما معقولة تطور… الكويت بالسبعين والستين عمرها ما كانت هالشكل… الديرة كلها مختطفة من الدينيين".

وألمحت الناشطة النسوية مريم العازمي إلى أن القرار يدور في فلك "النفاق السياسي"، قائلةً "الهدف من حجاب المرأة ونقابها وعبايتها فرض الوصاية والسيطرة سياسياً على المجتمع، عبالكم مهتمين في حجابها؟ بعضهم بناتهم وزوجاتهم مو متحجبات ومصوتين مع الحجاب لقمع المرأة اللي ساكنة في آخر الكويت وبعيدة عن محيطهم".

واستدركت: "مو مستغربة إلا من حماقة المواطن الفقير اللي فرحان بالقرار وهو معتقد أنهم قاموا بتأديب وتلقين المرأة درس لكن في الحقيقة هو والنساء اللي من بيئته المتضررين من القرار وتبعاته لأن عيالهم (تقصد أبناء النواب) أغلبهم محميين ولهم امتيازات تمنع أي شخص من التدخل في شؤونهم أو اعتبارهم مجرد مواطنين عاديين".

أما الإعلامية الكويتية ليلى أحمد، ففسّرت تمرير هذا التعديل بأن النواب "لا يملكون الإيمان بقضايا الكويت الملحة. لا يريدون مناقشة أسباب شلل البلاد وتذمر العباد. يشغلون الشعب بقضايا غير مؤثرة ليحموا الفاسدين وليستمر الركود والشلل العام بالإدارة الحكومية، ونواب المصالح تتصالح".

وأبدت انزعاجها من وجود تأييد شعبي لهذا التعديل، بقولها: "مجتمع فئوي… لا تنسيق ولا تنظيم، عدد الحضور النسوي كان اليوم قليل، يفترض أن قضايا المجتمع همومه وطموحاتة تقع بالمشاركة على كتفي النساء والرجال معاً…".

وتحسّرت على وضع المرأة الكويتية، مغردةً "عليك أن تعرف قدرك المتدني في هذا البلد كشعب؛ تدخل من الباب الخلفي لمبنى مجلس_الأمة تنتظر في صالة خانقة الحرارة ثم تسير تحت صليل شمس أغسطس الناري لمسافة طويلة حتى تصل لمجلس يفترض أنه يمثلك ويعز شأنك لكنه خطف صوتك ووضعك في الصف الأخير من اهتماماتة… وهذا ما حصل في جلسة اليوم".

وسخرت الأكاديمية الكويتية شيخة الجاسم من المعنى المقصود من التعديل إذ تساءلت: "نريد الآن أحد العباقرة الذين وافقوا على شرط الالتزام بالشريعة أن يحدد لنا بالضبط المعنى من ذلك. الدشداشة إلى كعب القدم؟ حف الشوارب؟ إطلاق اللحية؟ عباة راس للمرأة؟ يجوز العطور بالمجلس؟". ورجّحت أن "هذا القانون لن يمر وإن مرّ، المحكمة الدستورية ستحيّد هذه الفقرة كما حدث في 2009".

اتفقت معها في ذلك الكاتبة شيخة البهاويد التي قالت إنه "على أرض الواقع هالمادة ما راح تأثر بشي، مثلها مثل الواردة في قانون الانتخاب واللي حُكم بعدم دستوريتها. لكن ع المستوى السياسي فهذا نفاق وتلميع للصورة على حسابنا وإصرار على وضعنا في خانة الموصى عليه وعدم احترام خيارات النساء واللي يستدعي مواجهة لهذي العقلية".

ورداً على مزاعم المؤيدين للتعديل بأن تعميمه على النساء والرجال يحقق "المساواة"، أوضحت الكاتبة والسياسية الكويتية سلوى السعيد أنه على العكس من ذلك "ضاعف من حجم المشكلة بحيث أصبح الشرط ملزماً للرجال والنساء معاً وشطب المرشحين والمرشحات وفقاً لالتزامهم بالشريعة معنى فضفاض ويعني أن المفوضية التي تقع تحت سلطة وزير العدل هي من تقرر توافر الالتزام من عدمه".

وأردفت بالقول: "قلتها من قبل عدم التشريع أفضل من التشريعات السيئة وهذا مستوى مؤسف من الانحدار في جودة التشريعات!".

ولفتت ناشطات كويتيات إلى أهمية البناء على ما حدث في الجلسة في اختيار ممثليهم في البرلمان مستقبلاً. حثّت د. عروب الرفاعي، الناشطة في القضايا العامة: "علينا كنساء أن لا ننسى من صوَّت مع رفع التمييز ضد المرأة ومن يقف معه. وعلينا أن نجعل مواقف النواب من قضايا المرأة معياراً أساسياً (ضمن مجموعة معايير) حين نصوت لأي نائب في الانتخابات القادمة، فنحرم المسيء لنا من صوتنا. وعلينا أن ندرك كذلك أن وجود امرأة نائبة في البرلمان هو مكسب أساسي لنا لا يعوضه شئ. المرأة في البرلمان هي محاميتنا وصوتنا في القضايا التي تمسنا".

أهذا ما تستحقه المرأة الكويتية؟

في غضون ذلك، ذكّرت الوزيرة الكويتية السابقة، د. غدير محمد أسيري، في مقال رأي عبر جريدة القبس المحلية، بدور المرأة الكويتية تجاه بلدها سيّما خلال فترة الغزو العراقي للكويت وما بعدها، متساءلةً: "أهذا ما تستحقه الكويتية؟".

كتبت: "اشتركت المرأة الكويتية في صفوف المقاومة، واستُشهد الكثير منهن في تلك الحقبة السياسية، وأُسر الكثير منهن من قبل جنود الاحتلال، واعتقلن وعُذِبن في السجون ومراكز الاعتقال كما الرجل الكويتي".

وتابعت: "بعد 15 عاماً من التحرير، ومن المطالبة بحقوقها والوقوف لإقناع من يستمر في مهاجمتها والتشكيك بقدراتها وحصولها على حقها في المساواة بالانتخاب والترشح، نجد أن المجتمع، بدلاً من تمكينها في 2023، لا يزال يمارس الضغوط على المرأة في سن القوانين والقيود لتقليص حركتها وتطورها، وتقليل مشاركاتها السياسية بضوابط تشكك وتُميّز بين قدرتها في المشاركة السياسية".

وبينما لفتت إلى أن "سلوك التقليل من قدرة المرأة أصبح يتنقّل ويتفشى بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، من خلال القوانين المطروحة من بعض النواب"، شدّدت د. غدير على أن "المتاجرة بقضاياها بالوصاية عليها غير مقبولة، خصوصاً مشروع إنشاء المفوضية العليا للانتخابات في دولة مدنية تتبع دستوراً واضحاً متطوراً متعايشاً، ينصف ويساوي بين الجميع".

وختمت مقالها: "من غير المنطقي أن يكون القانون، وهو مرحلة تلي الدستور، يتناقض مع مواده التي تنص بشكل صريح على المساواة التامة وعدم التطرق بالوصاية في القوانين والقرارات على المرأة شكلاً ومضموناً في دولة الكويت. فالانتقاص من شكل المرأة الكويتية وطريقة تفكيرها هو سلوك يقمع حقها في اختيار شكلها أو وظيفتها أو طريقة حياتها ومستقبلها أسوة بالرجل في الدولة".

وبينما كانت الكويت أول دولة خليجية تتبنى نظاماً برلمانياً عام 1962، لم تُمنح المرأة الكويتية حق التصويت والترشح للانتخابات إلا عام 2005. وعام 2009، فازت أربع كويتيات بمقاعد في مجلس الأمة للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وتراجع عدد النائبات في المجلس منذ ذاك الحين.

مع ذلك، ظلت الكويت رائدة في مجال حقوق المرأة السياسية في منطقة الخليج لعقود. لكنها في الآونة الأخيرة شهدت تراجعاً ملحوظاً للحريات والمكتسبات في ظل صعود أنصار دمج الدين في السياسة.

رصيف 22

Related

Share

Rating

0 ( 0 reviews)

Post a Comment

Category
Author
More Options
  • Recent
  • Popular
  • Tag
Tags