العبودية الإسلامية المديدة: طبقات العبودية الإسلامية ومصادرها الثمانية 2/3 - Articles
Latest Articles

العبودية الإسلامية المديدة: طبقات العبودية الإسلامية ومصادرها الثمانية 2/3

العبودية الإسلامية المديدة: طبقات العبودية الإسلامية ومصادرها الثمانية 2/3

هناك حدثان تاريخيان مهمان يبينان ضخامة تجارة العبودية في العالم الاسلامي. الحدث الأول هو “ثورة الزنج” والحدث الثاني هو استيلاء المماليك على الحكم. لولا ضخامة عدد العبيد في العالم الإسلامي وتواجدهم في مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لما قاموا بثورة ضخمة كثورة الزنج كادت أن تسقط الخليفة، ولما استولوا على الحكم وصيروا الخليفة دمية يأتمر بأمرهم ويسجن ويقتل عندما يريدون ذلك.

 

حسين الوادعي

يعد نظام الرق والعبودية الإسلامية واحدا من أعقد نظم العبودية التي عرفتها المجتمعات الإنسانية. كان الغالب على العبودية في المجتمعات الأخرى، كاليونان والرومان والصين والهند، هو نظام عبودية الخدمة، أي استعباد الناس من أجل استغلالهم كخدم، سواء كانوا خدما منزليين أو عمالا في المزارع والمقالع والمحلات.

لكن نظام العبودية الإسلامي كان أكثر تعقيدا؛ فهو من الناحية الزمنية من ضمن الأطول عمرا، إذ استمر أكثر من 1400 سنة، متجاوزا عمر العبودية الرومانية واليونانية والعبودية الأطلسية (الحديثة).
لكنه أيضا، من ناحية الخصائص، ينقسم إلى أربع طبقات:

كانت هناك عبودية الخدمة، أي اختطاف الناس أو شراؤهم من أسواق الرقيق من أجل استخدامهم في الخدمة المنزلية، أو في العمل الشاق في المزارع وحمل الاشياء الثقيلة.

إلى جانب ذلك، ظهرت وتوسعت في الإمبراطورية الإسلامية ظاهرة العبودية الجنسية، التي عرفت باسم الجواري أو السراري، وهو خطف الفتيات الجميلات أو شراؤهن من أسواق الرقيق من أجل استخدامهن في المتعة الجنسية.

أما الطبقة الثالثة من طبقات العبودية، فكانت الرق العسكري”؛ وذلك بخطف أو شراء الأطفال ذوي البنية الجسدية القوية، وتدريبهم تدريبا عسكريا، من أجل استخدامهم في الحروب.

كان المسلمون في البداية يستخدمون العبيد المقاتلين، الذين سيعرفون فيما بعد بالمماليك، في الغزوات وما سمي بـ “الفتوحات”. فإذا انتصروا، تذهب الغنائم للمالك الذي ينتظر نتيجة المعركة في قصره أو في منزله.

إلى جانب ذلك، ظهرت ظاهرة الرق الفني، أي استخدام النساء المخطوفات والمستعبدات في الموسيقى والرقص والغناء. وقد اشتهرن باسم القيان، وكن يتمتعن بثقافة في الشعر والمرويات إلى جانب جمال الصوت والعزف.
هناك عوامل كثيرة أدت إلى تنامي ظاهرة العبودية في الإمبراطورية الإسلامية، من ضمنها أن الرسول وكبار الصحابة ومؤسسي الإسلام كانوا من مالكي العبيد.

من المتناقصات أنه، رغم زعم أغلبية المسلمين أن الإسلام شجع على المساواة والحرية، إلا أن الدول الإسلامية كانت من آخر الدول التي حظرت ممارسات العبودية. فلا زالت “العبودية” واحدة من قضايا التاريخ الإسلامي التي لم نتطهر منها بعد لا فكريا ولا أخلاقيا، كما أشرنا لذلك في الجزء الأول.

هناك أسئلة معلقة بلا جواب.

هل العبودية “حرام ” في الإسلام؟ وأقصد بالإسلام هنا القرآن والسنة.

إذا كانت حراما، فلماذا كان للرسول وكبار الصحابة عشرات ومئات بل آلاف الجواري والعبيد؟ وإذا كانت حلالا، كما تدل على ذلك ممارسات الرسول والصحابة، فكيف نحرم ما أحله الله؟

لماذا حرم الإسلام الخمر والميسر والتشاؤم والكهانة والكثير من العادات الاجتماعية الشائعة آنذاك، ولم يحرم العبودية؟ رغم أن العبودية لم تكن موردا اقتصاديا مهما ولا عرفا اجتماعيا مقدسا في المجتمع العربي؟

كيف استطاع الإسلام أن يغير عقائد الناس الوثنية (وتغيير العقيدة كما نعرف من أصعب المهام)، وأن يتحدى مقدساتهم ويرفضها؟ بينما لم يهتم بتغيير ممارسة اجتماعية محدودة ومحصورة بين عدد قليل من الأغنياء؟

لماذا حرمت الأحاديث تزيين ونتف الحواجب، ولم تحرم استرقاق الأحرار أو بيع النساء الأسيرات في الأسواق؟

لماذا توسع الصحابة في امتلاك العبيد والجواري بعد الإسلام، ولم نسمع أنهم كانوا يمتلكون هذا العدد الضخم من العبيد قبل الإسلام؟

ولماذا، عندما يعتنق العبد الإسلام، يظل عبدا ولا يصبح حرا؟ ويظل أولاده وأحفاده عبيدا رغم أنهم مسلمون ومن صلب مسلم؟

لماذا قال عمر بن الخطاب: “متى استعبدتم الناس وقد ولدت امهاتهم أحرارا”، بينما وقف بنفسه ليبيع بنات كسرى كجواري في السوق؟

لماذا استمرت العبودية العربية 1300 سنة، بينما لم تستغرق العبودية الغربية (استعباد البيض للسود) أكثر من 300 سنة؟

هل فعلا ساهم المسلمون في التخفيف من العبودية، أم أنهم ساهموا في نشرها أكثر عبر ما سمي بـ “الفتوحات” والحروب، وحولوها من ممارسة دنيوية إلى شرع ديني؟

لماذا انحصرت العبودية الغربية في استرقاق العرق الأسود فقط، بينما طالت العبودية الإسلامية كل الأعراق من المسلمين وغير المسلمين؟

لماذا لم تنته العبودية في العالم الإسلامي بفتوى واضحة من رجال الدين المسلمين، ولم تنته إلا بضغوط غربية لإنهاء العبودية كممارسة وحشيه ومناقضة لحقوق الانسان؟

سأعيد السؤال بصياغة مختلفة: لو افترضنا أن الغرب لم يطور فلسفة حقوق الإنسان، ويحرم العبودية، وأن لينكولن لم يحرر العبيد ويمهد الطريق أمام العالم لإنهاء أكثر الممارسات وحشية بحق الإنسان، لو لم يحدث هذا، فهل كانت العبودية ستنتهي في العالم الاسلامي؟

ربما تساعدنا الإجابات على التطهر من هذا العبء التاريخي كما تطهر الغربيون من تجربتهم الاستعمارية والاستعبادية واعترفوا بأخطائهم بلا تبرير ولا تجميل.

إذا كان هذا هو واقع اشتباك العالم الاسلامي مع قضية العبودية، فما هي حقيقة الموقف من العبودية في الماضي؟

هل فعلا أن الإسلام قلص من ظاهرة العبودية بحصره مصادر العبودية في مصدر واحد فقط هو أسرى الحرب؟

بدأت العبودية الإسلامية في غزوة بني قريظة، وهي أول غزوة يأخذ فيها المسلمون عبيدا. أما ما حصل في غزوة بدر، فهو أنهم أخذوا المهزومين من قريش أسرى وليس عبيدا، وتم فداء الأسرى مقابل مبالغ مالية. أما بعد ذلك، فلم يعد أسرى المعركة من الرجال أو أقاربهم من النساء والأطفال يؤخذون كأسرى، بل تسلب حريتهم وكرامتهم ويؤخذون عبيدا وجواري.

هذا يوضح ببساطة أن الإسلام لم يحصر العبيد فقط في أسرى الحرب من المقاتلين، لأن أغلب المستعبدين كانوا من النساء والأطفال، وهؤلاء لم يكونوا من المقاتلينبعض الفقهاء برر ذلك بأن سبب استعبادهم هو الكفر، لكن هذا غير صحيح أيضا لأنه، حتى العبيد الذين كانوا يعتنقون الإسلام كانوا يظلون عبيدا طوال حياتهم إلا لو قرر المالك إعتاقهم

إلى جانب ذلك، كان أولاد العبيد يولدون عبيدا ويبقون عبيدا من الولادة الى الوفاة.

هذه إذن ثلاثة مصادر استحدثها الإسلام أو توسع في استخدامها (الرجال المقاتلون المهزومون، نساء المهزومين وأولادهم، النساء والأطفال في المناطق المهزومة). هذه المصادر، إذا أخذنا في الحسبان أن الإسلام حول المسلمين إلى حالة الغزو والقتال الدائم، كانت مصدرا واسعا وكبيرا، كان يقذف بآلاف الناس يوميا وينقلهم من حالة الحرية الى حالة الاستعباد والسخرة والاغتصاب.

غير أن ممارسة العبودية لم تتوقف عند هذه المصادر، إذ أضافت مصدرا رابعا هو الخطف. وقد توسعت تجارة الخطف الإسلامي للعبيد فشملت كل مناطق العالم التي كانت سفن تاجر العبيد المسلم قادرة على الوصول اليها. لكن المورد الأكبر كان شرق إفريقيا، حيث استمرت تجارة خطف العبيد هناك حتى 1963.

كانت شخصية كنتا كنتي في الرواية الشهيرة “جذور” لألكس هيلي، الرمز الأشهر لمعاناة مواطني إفريقيا من العبودية التي مارسها ضدهم الغرب خلال استعمار دام 500 سنة. انطلقت تجارة العبودية من مبدأ أن السود هم عرق أدنى وليس لهم نفس الحقوق والكرامة الإنسانية التي للبيض. لكن ما يغفله المسلمون أو يتغافلون عنه أن هذه العنصرية التبريرية من أجل استعباد السود كانت موجودة في العالم الإسلامي قبل تجارة العبيد الأطلنطية بما يقارب 700 سنة، وأنها كانت المنطلق الذي اتخذه تجار العبيد المسلمون لاستعباد ما يزيد عن 20 مليون إفريقي وخطفهم وبيعهم.

لقد توسع الإسلام في ممارسة العبودية ولم يضيقها، وأكبر دليل على ذلك هو العدد الضخم من العبيد الذي صار الصحابة يمتلكونه بعد الفتوحات الأولى في الجزيرة.

غير أن العبودية الإسلامية تميزت بواحدة من أبشع صور العبودية، وهي العبودية الجنسية التي عرفها العالم الإسلامي تحت عناوين الجواري والسراري والغلمان.

هناك حدثان تاريخيان مهمان يبينان ضخامة تجارة العبودية في العالم الاسلامي. الحدث الأول هو ثورة الزنج والحدث الثاني هو استيلاء المماليك على الحكم.

لولا ضخامة عدد العبيد في العالم الإسلامي وتواجدهم في مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لما قاموا بثورة ضخمة كثورة الزنج كادت أن تسقط الخليفة، ولما استولوا على الحكم وصيروا الخليفة دمية يأتمر بأمرهم ويسجن ويقتل عندما يريدون ذلك.

ماريانا

Related

Share

Rating

0 ( 0 reviews)

Post a Comment

Category
Author
More Options
  • Recent
  • Popular
  • Tag
Tags