طالب خبراء ومحللون خليجيون وعرب، القادة العرب والمسلمين بتوحيد مواقفهم تجاه قضايا وأزمات المنطقة والأمة، وخاصة القضية الفلسطينية والأزمة السورية وتدخلات إيران والإسلاموفوبيا، خلال قممهم المرتقبة مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في العاصمة السعودية الرياض، 20 و21 الجاري.
ودعوا إلى تشكيل تحالف قوي مع أميركا؛ للحد من تدخلات إيران في شؤون المنطقة، ومواجهة الإرهاب، وطالبوا واشنطن بتعاون استخباراتي أوثق مع الدول العربية والإسلامية؛ لمواجهة خطر التنظيمات المتشددة.
وتستضيف المملكة، السبت والأحد 20 و21 مايو/أيار الجاري، قمة تشاورية خليجية، و3 قمم ستجمع ترامب مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وقادة دول الخليج، وزعماء دول عربية وإسلامية.
ويُرتقب مشاركة 55 قائداً أو ممثلاً عن دول العالم الإسلامي في القمم الثلاث، بالإضافة إلى ترامب.
وستكون زيارة ترامب للسعودية هي أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ليصبح بذلك أول رئيس أميركي يبدأ زياراته الخارجية بزيارة دولة عربية أو إسلامية.
تجاوز الماضي
وتعليقاً على القمم المرتقبة، قال الكاتب والمحلل السياسي جابر الحرمي، رئيس تحرير "الشرق" القطرية السابق: "أن تكون أول محطة خارجية لرئيس أميركي يقصدها عاصمة عربية، هو اعتراف بأهمية ودور هذه الدولة، وأن تكون السعودية فهو دليل على مكانة واستراتيجية هذه الدولة، وما تمثله من أهمية وثقل على الساحة الدولية".
واعتبر الحرمي زيارة ترامب للرياض، في أول جولة خارجية له، "تشكل رداً على الذين حاولوا إلصاق تهمة الإرهاب وعمليات 11 سبتمبر/أيلول بالمملكة".
بدوره، اعتبر د .خليل بن عبد الله الخليل، أكاديمي وكاتب وعضو سابق في مجلس الشورى السعودي، أن "انعقاد القمم الثلاث في الرياض حدث تاريخي غير مسبوق".
وبيَّن أن "القمم الثلاث، من دون شك ستصنع تحولاً تاريخياً في مصالح الأمتين العربية والإسلامية وترسل رسالة دولية للعالم، بأن العرب والمسلمين موجودون وشركاء مع الغرب في صنع السلام، ولن يتخلّوا عن حقوقهم وهم يمثلون ربع سكان العالم عددياً، وكذلك يملكون المواقع الجغرافية والموارد الإقتصاديه التي تؤثر على الأمن والاستقرار في العالم، وعلى أميركا التعاون والتفاهم معهم لمصلحتها ولمصلحة السلم المجتمعي".
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي إياد الدليمي، إن زيارة ترامب المرتقبة إلى السعودية تندرج في إطار رؤية القيادة الأميركية الجديدة بضرورة تجاوز ما تعتقد أنه ماضٍ يجب تجاوزه في العلاقة مع الحلفاء بالشرق الاوسط وتحديداً السعودية، ولا سيما أن العلاقة الأميركية-السعودية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما شهدت توتراً، وخاصة في أعقاب توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
وأردف في تصريح لـ"الأناضول": "ترامب له موقف سلبي من هذا الاتفاق، ولديه رغبة في التواصل أكثر مع الحلفاء التقليديين وخاصة المملكة، وأعتقد أن اختيار المملكة كأول دولة خارجية يزورها ترامب هو تعبير عن هذا التوجه الأميركي الجديد".
مواقف مطلوبة
وفي رده على سؤال حول المطلوب من القادة العرب والمسلمين خلال تلك القمم، قال الكاتب القطري جابر الحرمي: "من المهم أن تكون هناك لغة واحدة يتحدث بها القادة العرب والمسلمون خلال لقائهم ترامب، ليؤكدوا موقفاً موحداً حيال قضايا العالمين العربي والإسلامي، خاصة القضية الفلسطينية وملفات سوريا واليمن والعراق".
وتابع: "ما تشكله إيران من تهديدات للمنطقة، وضرورة مواجهة الإرهاب والتوسع الذي تقوده بالمنطقة، ومحاولة العبث بأمن واستقرار دول المنطقة عبر تدخلها المباشر أو عبر أذرعها الإرهابية، والسعي لدفع المنطقة لحروب واقتتال طائفي ومذهبي".
وأشار إلى أن "مواقف ترامب الانتخابية لم تكن إيجابية فيما يتعلق بالمهاجرين أو الإسلام، وهي فرصة أمام قادة الدول العربية والإسلامية خلال قمتهم لتصحيح هذه الصورة".
وأضاف: "الأمر الأهم باعتقادي، ضرورة التركيز على القضية الفلسطينية وأن يوصل القادة لترامب أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيمثل (قنبلة) تنفجر في العلاقات العربية-الإسلامية مع أميركا في حال تم نقل السفارة".
وبيَّن أن "الإدارة الأميركية تعي خطورة الإقدام على خطوة كنقل سفارة واشنطن إلى القدس".
وأكد الحرمي أنه "مطلوبٌ مواقف جادة وواضحة خلال هذه اللقاءات".
وقال الإعلامي القطري إن "العرب والمسلمين لا يريدون من أي طرف دولي الانحياز إليهم، إنما يريدون فقط الإنصاف والعدالة في التعامل مع قضاياهم".
وشدد على أنه "مطلوبٌ رسائل واضحة وموحدة من القادة العرب والمسلمين خلال لقائهم ترامب".
وأردف: "ونحن على ثقة بأن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان، سيحمل كل ملفات الأمة بجدارة وأمانة خلال القمم التي ستشهدها الرياض مع ترامب".
حلف إسلامي-أميركي
بدوره، دعا الخبير الاستراتيجي السعودي د. خليل الخليل إلى "إنشاء حلف لمواجهة التشدد والعنف والإرهاب فكرياً وأمنياً بما يهدد مصلحة السلم والأمن في العالم، ويبعد المنطقة عن الخراب والحروب والنزاعات ويوجه الموارد للبناء وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة".
وبيَّن أنه ينتظر من هذه القمم "إعلان مبادئ واستراتيجيات تحكم السياسة الدولية في نصف القرن الحالي الذي تتشكل فيه المصالح والخرائط". وأردف: "ننتظر مواجهة ثقافة الكراهية والعنصرية ضد العرب والمسلمين والتي ظهرت مؤخراً في الغرب عامة وفي أميركا خاصة".
وأضاف: "ننتظر الاتفاق على مواجهة تمدد إيران وتدخلاتها، ومساعدة إيران على العودة للحكمة ونفض يديها من الميليشيات الشيعية العنيفة والإرهابية؛ لتكون جارة مؤتمنة ويسود السلم بينها وبين دول الخليج العربي بدلاً من العداوات والمنافسات السلبية".
ودعا إلى "اتخاذ قرارات مفصلية تضمن حقوق الفلسطينيين وعيشهم في أرضهم الفلسطينية في أمن وسلام ورخاء، وإيقاف إسرائيل عن الاعتداءات عليهم، والإصرار على أن القدس عربية وإسلامية، لا حق لأحد في التصرف فيها غير أهلها الفلسطينيين".
واتفق الدليمي مع الخليل في دعوته إلى حلف إسلامي-أميركي، ومع الحرمي في دعوة القادة إلى توحيد مواقفهم.
وقال بهذا الصدد: "هناك فرصة أمام الدول العربية والإسلامية التي ستلتقي الرئيس الأميركي في السعودية، هذه الفرصة تقتضي من هذه الدول أن توحد مطالبها أمام الإدارة الأميركية هذا أولاً".
وتابع: "ثانياً، أن تضغط باتجاه أن تحول إدارة ترامب عداءها الظاهر لإيران إلى واقع ملموس، وأن يتجلى ذلك في موقف أميركي واضح من التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن".
وأوضح أن المطلوب من الدول العربية والإسلامية، "العمل على تشكيل تحالف قوي مع الولايات المتحدة الأميركية يكون قادراً على ردع إيران في الوقت المناسب، وألا تكتفي واشنطن بتصريحات تتهم فيها إيران بأنها راعية الإرهاب الأولى بالعالم دون فعل".
وشدد الخبير العراقي على ضرورة أن "يكون هناك وعي بضرورة أن تتخلى واشنطن عن موقفها الرمادي حيال ما يجري في سوريا". وأردف: "وأعتقد أن واشنطن لديها القدرة على ذلك، من خلال الضغط على روسيا التي باتت اليوم الحليف الأبرز لنظام الأسد".
وبيَّن أنه "إلى الآن، لم يبدر أي فعل حقيقي من طرف الإادارة الأميركية الجديدة حيال التدخلات الايرانية، ومن ثم فإن القمم الثلاث المرتقبة في السعودية يمكن أن تكون فرصة مناسبة لدفع واشنطن لاتخاذ إجراءات رادعة ضد تدخلات طهران في شؤون المنطقة".
وأوضح قائلاً: "أميركا اليوم تحاول أن تظهر بموقف الرافض للتدخل الإيراني، حتى إن الدعوة التي وُجهت للعراق ذهبت إلى رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وهو كردي سُني، بينما الدعوة التي ذهبت الى لبنان وُجهت إلى رئيس الوزراء، سعد الحريري السُّني، ولم توجه إلى العماد عون المحسوب على تيار إيران في لبنان".
وكشف أن واشنطن ستعلن قريباً اتفاقية جديدة مع بغداد لبقاء قوات أميركية في العراق عقب تحرير الموصل من تنظيم داعش.
واعتبر أن هذا الأمر إذا ما حصل فسيكون فعلاً بادرة على نية أميركية للحد من نفوذ إيران، وإن كان الأمر سيقابَل برفض شعبي داخلي.
في الشأن الفلسطيني، قال الدليمي: "لا أعتقد أن ترامب سيعمد إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كما أعلن سابقاً"، معتبراً أن "القرار ربما يكون فوق طاقة إدارته، خاصة في ظل الحاجة الأميركية إلى وجود تعاون أوثق مع الدول العربية".
وتابع: "يبقى موضوع الإسلاموفوبيا، وهناك تغيير بدأ يطرأ على خطاب إدارة ترامب، وخاصة عقب قراره حظر سفر مواطني 7 دول إسلامية إلى أميركا، وهو يندرج أيضاً في رغبة إدارة ترامب في توثيق علاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي".
مكافحة تنظيم داعش
وتوقع الحرمي أن "تنظيم داعش وما يشكله من تهديد وما يقوم به من عمليات إرهابية، سيكون متصدراً لمباحثات ترامب مع قادة المنطقة، خاصة أن هذا التنظيم شُكّل من أجله تحالف دولي إلا أنه رغم هذه المدة لم يتم القضاء عليه".
وفي هذا الصدد، بيَّن الخبير العراقي الدليمي أن "هناك حاجة لتعاون استخباراتي أوثق مع الدول العربية والإسلامية لمواجهة خطر التنظيمات الجهادية المتشددة، وأميركا تدرك أن مرحلة ما بعد داعش قد تكون أكثر خطراً عليها وعلى أمنها من مرحلة داعش".
"تحذيرات واجبة"
ودعا الخبيران، القطري والعراقي، للحذر وعدم الإفراط في التفاؤل من تلك القمم. واستبعد الدليمي أن يكون هناك تغيير كبير في تعامل الإدارة الأميركية مع ملفات المنطقة.
وبيّن أنه "في كثير من الخطط التي أعلنها ترامب للتعامل مع ملفات الشرق الأوسط ، كانت عبارة عن تكرار لخطط سلفه أوباما مع بعض التغيرات البسيطة والشكلية، ولعل ذلك تجسَّد واضحاً في قرار الإدارة الأميركية الأخير حول تسليح الميليشيات الكردية في سوريا لقتال تنظيم داعش هناك، وهي خطة الرئيس السابق باراك اوباما ذاتها.
من جهته، حذر الحرمي من أن: "ترامب سيأتي حاملاً ملفات اقتصادية سيحاول تمريرها بما يعود بالنفع على الاقتصاد الأميركي، خاصة أن برنامجه الانتخابي كان مركِّزاً على هذا الجانب ومن ضمنه البطالة؛ ما سيعمل على طرح صفقات في أكثر من مجال، سواء في مجال التسليح، وهو ما ظهرت بوادره عن أنباء تتحدث عن صفقات مع السعودية بنحو 100 مليار دولار قابلة للوصول إلى 300 مليار دولار خلال 10 سنوات، أو عبر استثمارات خليجية تضخ بالاقتصاد الأميركي؛ سعياً لتخفيف وطأة البطالة".
وشدد على أنه "مطلوبٌ رسائل واضحة وموحدة من القادة العرب والمسلمين خلال لقائهم ترامب".
وأردف: "ونحن على ثقة بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان سيحمل كل ملفات الأمة بجدارة وأمانة خلال القمم التي ستشهدها الرياض مع ترامب" .
الأناضول