لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تأثير زيارته الأخيرة إلى الخليج على قرار قطع العلاقات مع قطر، وقال ترامب إنه تلقى معلومات خلال هذه الزيارة تفيد بأن الدوحة تمول حركات ذات "آيديولوجية متشددة".
وذكر في تغريدات في حسابه الرسمي على تويتر إن زيارته للملكة العربية السعودية ولقاءه بالعاهل السعودي ومسؤولين آخرين "أتت أُكلها". وإن الجميع "أشاروا إلى قطر وقالوا إنهم ستخذون موقفا حاسما من مسألة التمويل وقد تكون هذه بداية النهاية للرعب الذي يبثه الإرهاب".
من جهة أخرى، أيدت قطر المساعي المبذولة لإجراء محادثات مع جاراتها في الخليج لاحتواء الأزمة بعد قطع السعودية والبحرين والإمارات ومصر ودول أخرى علاقاتها الديبلوماسية معها، لاتهامها بدعم "الإرهاب".
وأغلقت السعودية والإمارات ومصر مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية.
وعرضت الكويت، وهي إحدى الدول التي تشارك في هذا الخلاف - التوسط لإجراء محادثات بين الأطراف، وقالت قطر إنها مستعدة للحوار.
وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في لقاء مع شبكة الجزيرة إن قطر "تسعى إلى حوار منفتح وصريح".
وأرجأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خطابا كان سيوجهه إلى الشعب القطري الثلاثاء يتناول قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع بلاده لإتاحة الفرصة والوقت أمام الكويت للوساطة.
وقرر اليمن وحكومة شرق ليبيا وجزر المالديف أيضا قطع العلاقات مع قطر وإغلاق الأجواء.
وقال الوزير القطري للجزيرة إن الشيخ تميم تحدث هاتفيا ليل الاثنين مع الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وقرر تأجيل إلقاء خطاب للشعب القطري نزولا على رغبته.
وأوضح أن قطر قررت ألا تتخذ أي إجراءات مضادة.
وقال الشيخ محمد إن قطر تريد أن تتاح لأمير الكويت فرصة "التحرك والتواصل مع أطراف الأزمة ومحاولة احتواء الموضوع".
وأضاف أن أمير الكويت كان له دور كبير في شقاق خليجي عام 2014 وأن الشيخ تميم "ينظر له كوالد" ويحترم رغبته بتأجيل أي خطاب أو خطوة إلى أن تكون هناك صورة أوضح للأزمة.
وأدى أمير الكويت دور الوساطة لعقود في نزاعات إقليمية واستقبل الشيخ تميم الأسبوع الماضي بينما كانت ملامح الأزمة تتشكل.
ويحظر قرار قطع العلاقات على مواطني السعودية والإمارات والبحرين السفر لقطر أو الإقامة بها أو المرور عبرها. كما يقضي بمغادرة المقيمين والزوار من هذه الدول قطر خلال 14 يوما. وينبغي على القطريين مغادرة هذه الدول خلال 14 يوما أيضا.
وهذه الإجراءات أكثر صرامة من خطوات أخرى اتخذت خلال شقاق دام ثمانية أشهر في 2014 عندما سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من الدوحة واتهمت قطر بدعم جماعات متشددة
إغلاق المجال الجوي
وأغلقت مصر مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية القطرية، وسط أزمة دبلوماسية متصاعدة، ويتوقع أن تحذو السعودية والبحرين الحذو نفسه اليوم الثلاثاء.
وأعلنت مصر غلق مجالها الجوي أمام قطر، بدءا من الساعة الرابعة صباح الثلاثاء بتوقيت غرينتش، وذلك "حتى إشعار آخر".
ويتوقع حدوث اضطراب في حركة السفر في مطار العاصمة القطرية الدوحة، التي تعد مركزا مهما للرحلات الجوية الدولية.
ومن بين الشركات التي ستتأثر بهذا الحظر الخطوط الجوية القطرية، وخطوط طيران الاتحاد وطيران الإمارات.
وحينما تتجنب الرحلات الجوية القطرية أجواء جارتها الغربية المملكة العربية السعودية، فإنها ستضطر إلى أن تسلك مسارات أطول، ما سيؤدي إلى زيادة وقت تلك الرحلات.
لكن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، صرح لقناة الجزيرة بأن بلاده ستظل "منفتحة على العالم، عبر الممرات البحرية الدولية والمجال الجوي الدولي".
وقال مسؤول صومالي، لم يكشف عن هويته، لوكالة أنباء أسوشيتدبرس إن 15 رحلة جوية تابعة للخطوط الجوية القطرية استخدمت المجال الجوي لبلاده أمس الاثنين، وهو عدد أكبر بكثير من المعتاد.
تصاعد الأزمة
وتضمنت الدول التي اتخذت تحركا دبلوماسيا ضد قطر، وهي دولة صغيرة عبارة عن شبه جزيرة لكنها غنية بالغاز الطبيعي، بعض من كبريات الدول العربية.
وأغلقت البحرين والإمارات والسعودية جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية مع قطر.
ومنحت الدول الثلاث الزائرين والمقيمين من مواطني دولة قطر أسبوعين لمغادرة أراضيها، وحظرت على مواطنيها السفر إلى قطر.
وطردت الإمارات ومصر الدبلوماسيين القطريين لديهما، ومنحتاهم مهلة 48 ساعة للمغادرة.
وأغلقت السلطات السعودية مكتب قناة الجزيرة في أراضيها، لكنها قالت إن الحجاج القطريين ما زال يُسمح لهم بالحج.
واتخذت مصر واليمن والحكومة الليبية، التي تتخذ من شرقي البلاد مقرا لها، وجزر المالديف الخطوة نفسها في قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.
وفي دولة تعتمد على الواردات لتلبية احتياجاتها من المواد الغذائية، بدأ السكان تكديس مخزون من تلك المواد، وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن صفوفا في أحد المتاجر بلغ طولها 25 فردا.
ما الأسباب؟
كان قطع العلاقات الدبلوماسية مفاجئا، لكنه لم يأت من فراغ، إذ كانت التوترات متجذرة منذ سنوات، ولا سيما خلال الأسابيع الأخيرة.
وبصورة عامة، فإن سببين أساسيين قادا إلى قرار أمس الاثنين، وهما علاقة قطر بالجماعات الإسىلامية وإيران المنافس الإقليمي للسعودية.
ويُعتقد أن أثرياء قطر يقدمون تبرعات فيما تمنح الحكومة القطرية أموالا وأسلحة لجماعات إسلامية متشددة في سوريا.
وتقول صحيفة فاينانشال تايمز إن الحلفاء الخليجيين غضبوا، لأن قطر دفعت فدية قيمتها مليار دولار لجهاديين ومسؤولي أمن إيرانيين، في أعقاب اختطاف مواطنين قطريين في العراق وسوريا.
ويقول محللون أيضا إن توقيت قطع العلاقات، الذي جاء بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض بنحو أسبوعين، له دلالة هامة.
ويرجح أن يكون خطاب ترامب في السعودية، الذي اتهم فيه إيران بالمسؤولية عن زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وحث فيه الدول الإسلامية على أخذ زمام القيادة في محاربة التطرف، أن يكون ذلك الخطاب قد شجع الحلفاء الخليجيين للتحرك ضد قطر.
وخلال الأسبوع نفسه الذي ألقى فيه ترامب خطابه، حجبت مصر والبحرين والإمارات والسعودية مواقع إخبارية قطرية من بينها موقع الجزيرة الالكتروني.
كما نُشرت تصريحات منسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، ينتقد فيها السعودية على وكالة الأنباء القطرية.
لكن حكومة الدوحة نفت صحة تلك التصريحات، ووصفتها بأنها زائفة، وأرجعت الأمر إلى حدوث "جريمة قرصنة مخزية".
ما هي ردود الفعل؟
قالت قطر، التي تستضيف كأس العالم لكرة القدم عام 2022، إن القرار "لن يؤثر على الحياة الطبيعية لمواطنيها أو المقيمين على أراضيها".
وحثت إيران وتركيا والولايات المتحدة كل الأطراف على حل خلافاتهم، كما عرضت الكويت التوسط لحل الخلاف.
ودعت وزاة الخارجية السودانية إلى الحوار، قائلة إن الخرطوم "مستعدة تماما لبذل كل الجهود، من أجل تحقيق الهدوء والمصالحة، التي من شأنها أن تسهم في خدمة مصالح شعوب المنطقة".
وأغلقت سوق الأسهم المالية القطرية على انخفاض، بنسبة تجاوزت سبعة في المئة الاثنين، على خلفية هذه الأزمة الدبلوماسية.
بى بى سى