بقلم: عوديد غرانوت
هزة ارضية سياسية في السعودية: الملك سلمان هو شخص مريض ومتعب، والملك الجديد سيكون إبنه محمد (31 سنة). شاب صغير جدا بالمعايير الملكية الصحراوية، التي تنتقل فيها منذ سنوات شعلة القيادة بين الملوك وأولياء العهد الذين وصلوا جميعهم تقريبا الى العقد الاخير من حياتهم.
هناك تأثيرات بعيدة المدى لتعيين محمد كولي للعهد، واقصاء إبن عمه محمد بن نايف. وهذه التأثيرات تتجاوز الساحة المحلية السعودية الى الساحة الاقليمية والدولية وتصل الى اسرائيل ايضا.
في نظرة تاريخية، الحديث لا يدور عن سابقة. فكل قائد تقريبا يفضل بشكل طبيعي أن يعين أحد اولاده بدل أحد اقرباءه. وقد حدث هذا في الاردن ايضا عندما كان الملك حسين في منصبه وأقال في اللحظة الاخيرة شقيقه الامير حسن ولي العهد، وقام بتعيين إبنه عبد الله كوريث له.
إلا أن الاردن لا يمكن مقارنته بالسعودية من حيث الحجم والقوة والتأثير والعلاقات والقوة الاقتصادية والعسكرية. السعودية لا تحافظ فقط على الاماكن الاكثر قداسة في الاسلام، بل هي تقود المعسكر السني في المعركة التي تجري الآن أمام المعسكر الشيعي برئاسة ايران.
من يقود هذه المعركة ليس الملك سلمان، بل إبنه محمد، الذي تم تعيينه أمس وليا للعهد. خلال العامين اللذين كان فيهما نائبا لولي العهد، نجح محمد الشاب في تجنيد العالم العربي كله تقريبا لتحالف عسكري ضد المتمردين الموالين لايران في اليمن. وتوجيه تهديدات الى طهران والاعلان عن حزب الله منظمة ارهابية. ومؤخرا قام بفرض العزلة على قطر الجارة لأنها توجهت نحو ايران وقدمت المساعدة للمنظمات الارهابية المتطرفة. هذا الخط التصعيدي ثمنه تراجع خزينة الكنز السعودي.
محمد بن سلمان، وليس ولي العهد القانوني محمد بن نايف، هو الذي سافر الى واشنطن للالتقاء مع ترامب في البيت الابيض، وعقد معه صفقة السلاح الكبيرة. وهو ايضا الرجل الذي تحدث مع ترامب عن الغطاء الذي ستمنحه السعودية في المستقبل لأي اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين مع امكانية التطبيع مع اسرائيل كدفعة تحت الحساب. وعلى مستوى الجبهة الداخلية فان محمد هو الرجل الذي وقع على المشروع الكبير، “السعودية 3030″، الذي يهتم كله باعداد المملكة للفترة التي ستجف فيها آبار النفط.
لقد حدث شيء كبير أمس في المملكة السعودية. رغم أن التغيير لن يتم في يوم واحد. فان السعودية تحت حكم محمد لن تغير سياستها المحافظة مرة واحدة. ولن تعدل تطرفها الديني ولن تسارع الى الاعتراف باسرائيل. ولكن وضع شاب على رأس المملكة، الذي يعتبر متسرعا احيانا وغير مجرب، لكنه أقل تصلبا في مواقفه ومنفتحا أكثر على وسائل الاعلام الغربية ويدرك بشكل أكبر ضرورة التعاون الاستراتيجي والاقليمي من اجل الحفاظ على الامن القومي، ومحاربة الارهاب والاستعداد للتهديد الايراني – يبث الأمل في امكانية التعمق أكثر في العلاقات بين الرياض والقدس.
ترجمة رأى اليوم
اسرائيل اليوم 22/6/2017